في الواجهة

الموت يغيب أحد قادة اليسار ومؤسيسه..بعض من سيرة عبدالله زعزع المناضل العنيد في الحق

توفي صباح اليوم، المناضل عبدالله زعزع، بعد معاناة مع المرض، حيث كان أجرى عمليات جراحية وخضع لسلسلة من جلسات العلاج، لكن المرض اللعين تمكن منه.

عبدالله زعزع على يسار الصورة

ويعد عبدالله زعزع، من أحد القادة الأساسيين في تجربة وفي تأسيس منظمة إلى الأمام الفصيل اليساري، المنتمي لتجربة الحركة الماركسية اللينيية، أو ما كان يعرف بتجربة اليسار الجديد.

حوكم الراحل بالمؤبد وبضع شهور، في المحاكمة الشهيرة لسنة 1977، وذلك بعد أن كان قضى فترة طويلة في درب مولاي الشريف، حيث كان تعرض لتعذيب وحشي، استعملت فيه كل صنوف التعذيب، بهدف الوصول عبره وهو العضو الأساسي في لوجستك منظمة إلى الأمام بأسرع وقت لأكثر المعلومات بغاية الإنهاء مع التنظيم، والتي ظل يحمل مخلفاتها في جسده، وخاصة في رجليه التي عانى من آلامها طيلة حياته .

حتى بعد خروجه من السجن، ظلت حركات وسكنات زعزع تخضع لمراقبة أمنية شديدة، لكن زعزع كان لا يعيرها أي اهتمام، وكان يردد دائما، أنه لا ينبغي لتلك الممارسة الأمنية أن تشد الانتباه، بل ينبغي أن يمارس المرؤ قناعته وتفكيره بكل حرية، اليس هو من كتب ذات يوم للحسن الثاني وهو في السجن:” قد تستطيعون بسلطتكم أن تضعونا في السجون، لكنكم لن تسنطيعوا تغيير آراءنا”

قضى عبدالله زعزع في السجن حوالي 14 سنة ويزيد، وبمجرد خروجه من السجن، انخرط بكل قوة في تجربة تجميع اليسار، وجاب إلى جانب بعض رفاقه ورفيقاته جل المدن المغربية بغاية تحقيق هدف توحيد اليسار المغربي.

خاص زعزع إلى جانب آخرين تجربة إعلامية جد مميزة ضمن ما عرف بسلسلة “المواطن” والتي تعرضت للمنع والمحاصرة والمصادرة، لكن، كان عبدالله زعزع  ظل مصرا ومعه اخرين واخريات على الصمود، وكان زعزع وضع بيته المتواضع رهن إشارة هذه التجربة الإعلامية والسياسية، ووقته، وكان الجميع ينام أثناء الإعداد لإصدار الجريدة إلا هو، وهي التجربة  التي ستنبثق عليها مجموعة “المواطن” الذي كان لها دورا حيويا ومهما في مختلف التجارب الوحدوية الي سيعرفها اليسار فيما بعد، بما فيها تجربة “اليسار الاشتراكي الموحد”.

كان له الفضل، والدور البارز في النقاشات التي خيضت حول شكل النظام السياسي، وعبر الحوار الذي كانت أجرته “جريدة المواطن” التي كان يرأسها كمدير نشر، مع نوبير الأموي، وحديثه يومها عن ملك يسود ولا يحكم، تبلورت قناعة لدى زعزع في تسوية سياسية ممكنة لكنها تحقق الديمقراطية كاملة، لكنه ظل متشبعا بميولاته الجمهورية، وظل لا يتردد في إعلانها، إضافة لدفاعه المستميت عن اللائكية.

مارس عبدالله زعزع فيما بعد السياسية بطريقة مختلفة، وانخرط في تجربة العمل بالأحياء، ومنها كانت تجربة “جمعية درب المتر، التي سميت بأحد الأحياء الشعبية في الدارالبيضاء وبالضبط درب بوشنتوف حيت ترعرع وكبر عبدالله، اقتنع زعزع بهذا المسار وبسياسة القرب وذهب فيها كما كان دوما إلى أبعد الحدود، نجح في الانتخابات المخلية بحيه، وومارس دوره بكل أخلاق وبكل مبدئية، وحين ظهر له أنها لا تخدم، عاد لسكان حيه ليخبرهم بما يحدث ويستقيل بعد أن فضح كل شيء.

ظل الراحل، حاضرا في كل المواقع، وانخرط بحيوية وشباب في تجربة حركة 20 فبراير وحضر كل تظاهراتها، ومشى بكل عنفوان في جل مسيراتها، وحضر في كل الوقفات والاحتجاجات والمناسبات مناصرا للحرية والعدالة وحقوق الإنسان، وصامدا حتى وهو يتعرض للضرب في 13 مارس 2011، حين قمعت حركة 20 فبراير بالدارالبيضاء.

عاش عبدالله زعزع طيلة حياته تطابقا في الأقوال مع الأفعال، وكان بحق نصيرا حقيقيا لقضايا النساء، ونصيرا حقيقيا لحقوق الإنسان بمعناها الكوني، كان يعيش الحداثة شكلا ومضمونا، وكان إنسانا عطوفا طيبا حتى وبصرامته الشديدة في الدفاع عن قناعته وعن أرائه، وكان أيضا السياسي النبيه والذكي، والذي يتوفر على حس سياسي منحه الكثير من السبق في تلمس القادم للتعامل معه، وكان بذلك المربي والمعلم، حقيقة لا مجازا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى