شواهد على التاريخ

باهي: عبد الله زعزاع الرفيق الصنديد.. هكذا تحدث عنه الرفاق

وقع خطأ في نشر مقال تحت عنوان “شهادة المعتقل السياسي السابق باهي: “المناضل التقدمي زعزاع.. و المبادرات المدنية ذاث الصدى السياسي في العمق” ، بتوقيع باهي عبددالسلام، وهو ليس مقاله، نعتذر للأستاد عبدالسلام باهي، ولكاتب المقال عبدالهادي بلكورداس، ولقراء الجريدة
وننشر المقال المقصود
بقلم باهي عبدالسلام
في وقت يجتاز فيه لحظات صحية صعبة في هذه الفترة الخريفية من سنة 2020 . مما جعل العديد من رفاقه وأصدقائه يتتبعون وضعيته بقلق . بل منهم من يتخوف من صدمة قد تذكر لا قدر الله ، بفقدان رفيقهم رشيد نزهري الذي خطفه الموت في غفلة من الجميع .
إن من دواعي القلق والخوف اليوم ، انه لا أحد يمكنه ان يرتاح حين يعلم بإصابة اي من أقربائه واصدقائه في هذه الظرفية الصحية والوبائية .
ظرفية جائحة كورونا التي لازالت تعصف بمجتمعنا والعديد من المجتمعات . ولا زالت تحصد الأرواح .
ولذلك فنحن نقلق ونتخوف كلما سمعنا عن رفيق او صديق أو قريب مصاب ومريض في هذه الظرفية الصعبة .
ولذلك نرجو الشفاء العاجل لرفيقنا عبد الله زعزاع .
نحن نشعر ان وجود رفاق مثل عبد الله زعزاع بين ظهرانينا و إلى جانبنا يقوينا ويدعمنا معنويا . لأن الرفيق عبد الله زعزاع ينتمي إلى مرحلة ورؤية في تجربة اليسار . يرمز في ذاكرة مناضلي اليسار السبعيني إلى القيادي والمناضل الصلب الذي واجه القمع بقوة وصلابة منذ اللحظات الاولى من اعتقاله . وتحمل درجات قصوى من الإنتهاكات الجسيمة والتعنيف والتعذيب والمعاملات القاسية والمخلة بالكرامة الإنسانية .

التعذيب الجسدي الفظيع والتعذيب المعنوي الفادح 

في درب مولاي الشريف وما بعده

عبد الله زعزاع قيادي منظمة إلى الأمام الذي دافع بشرف وقوة على مبادئ المنظمة واليسار . وحين اختلف مع رفاقه مارس خلافه معهم بوضوح وشرف وقوة كذلك .
لكن وراء قوة عبد الله زعزاع تكمن دائما تلك المسحة من الود والمحبة الإنسانية العميقة. خاصة تجاه رفاق دربه . لم يتخل عنها حتى في عز الإختلاف . وظلت مستمرة ومستقرة في زاوية من زوايا أعماقه . لها لحظات ظهور كما لها لحظات كمون . ومن أبرز لحظات ظهورها واتساقها نظرته ومحبته للرفيق ابراهام السرفاتي التي لم تتغير وظلت لا تفارقه .
الرفيق عبد الله زعزاع من المناضلين العمال القياديين القلائل في تجربة التنظيمات اليسارية الماركسية الأولى . 23 مارس وإلى الأمام ولنخدم الشعب . إلى جانب رفاق عمال آخرين . منهم الشهيد جبيهة رحال الذي نستحضر ذكراه القريبة .
وقلة هم المناضلون العمال في التجربة . كانوا كالعملة الناذرة . مما كان له ما له وعليه ما عليه من النتائج والمترتبات التي طبعت المسيرة النضالية .
عبد الله زعزاع من الرفاق الذين حكم عليهم بالسجن المؤبد في محاكمة يناير 1977 بالدار البيضاء . وظل مناضلا صامدا في السجن وبعد السجن .
بل لقد حصد حكما آخر من داخل السجن . بعد أن تم اقتياده للمحاكمة مرة أخرى من داخل زنزانته بالسجن المركزي بمدينة القنيطرة . وحكم عليه بسبب قراءاته وتعليقاته على كتاب يتعلق بالراحل الحسن الثاني .
عبدالله زعزع على يسار الصورة
كان عبد الله زعزاع في السجن هو الرفيق المحترم من طرف رفاقه .
يشترك مع باقي الرفاق في القراءة وفي انشغالات أخرى ، ولكن طبعه العملي ظل يميزه اكثر .
وبعد الخروج من السجن لم يركن عبد الله زعزاع إلى الراحة . بل ظل مناضلا شامخا . شارك في محاولات تجميع اليساريين ونقاشاتهم . وأعطى أهمية للممارسة وخوض التجارب العملية والملموسة . كما آمن بدور حرية التعبير والصحافة والفكر في عملية تغيير المجتمع . وفي دينامية الوسط النضالي . وجسد ذلك في ممارسته وفي اكثر من مناسبة . حتى في مواجهة رجال السلطة وبحضور مسؤوليها الكبار .
وناضل على واجهة حرية التعبير وتبليغ مجموعة من المواقف والآراء الراديكالية ، هو ومجموعة من رفاقه من خلال تجربة صحافة المواطن والمواطنة وغيرها من التجارب الصحافية التي خاضها المناضلون اليساريون منذ بداية سنوات التسعينيات من القرن 20 .
وكان الفضل لعبد الله زعزاع في نشر الرسالة التي فضحت وجود معتقلين بمعتقل تزمامرت.
وكذلك في نشر الحوار الذي جرى مع الزعيم النقابي نوبير الأموي . الذي انتقد فيه جشع الرأسمالية المحلية واستبداد السلطة وفسادها . وما تلا ذلك من محاكمة نوبير الأموي الشهيرة بالرباط . وقمع صحافة المواطن . والمضايقات على المناضلين وعلى الكونفدرالية الديموقراطية للشغل.
ثم انخرط الرفيق عبد الله زعزاع في العمل الجمعوي . خاصة جمعيات الأحياء والعمل عن قرب. ومع المواطنات والمواطنين في درب بوشنتوف على الخصوص . إنه درب الطفولة ، ودرب الذكريات المبكرة مع والدة عبد الله زعزاع المرحومة لالة باشة . وهي من أمهات المعتقلين السياسيين التي لم تثنها سنها وصحتها عن المساهمة في نضال العائلات . ومع الإخوة والاخوات الفاضلات زعزاع . ومع سي محمد زعزاع وسي بوشعيب زعزاع ، وغيرهم من الأبناء والأحفاد . كل ذلك الرصيد ظل حيا في ذاكرة عبد الله زعزاع وفي عمله مع رفاقه من أبناء الحي . مصطفى ومناضلون آخرون من حي بوشنتوف وأطفاله . ومع رفيقته في الحياة والنضال رشيدة صدوق . وبفضل عملهم جميعا ، وبفضل نضالهم جعلوا من حي بوشنتوف حيا يندرج في ذاكرتنا الجماعية . وذاكرة مناضلين آخرين من مدن وأحياء أخرى . ذلك الحي الشعبي . وتلك الاحياء الآتية من المغرب العميق . يتحاورن . ومناضلون يأتون بتجاربهم المتنوعة قصد التواصل وتبادل الخبرات ، والإهتمام بمغرب الأحياء السكنية والشعبية ، ومغرب الجبال والصحارى والمناطق المفقرة والمهمشة .
إنها تجربة اصيلة حية وذات أهمية . لكنها لم تنل بعد حقها من ادبيات اليسار . ومن كتابات اليساريين والمؤرخين . مثلما لم تنل ما يكفي من الدراسة والدعم .
ومن نفس المنطلقات وبنفس الهموم ، ظل عبد الله حاضرا في العديد من التظاهرات والوقفات والفعاليات الجمعوية والنضالية . شارك بقوة في حركة 20 فبراير . وظل مواكبا للتطورات . متطلعا للكتابة بوجدانية عن الأوضاع والتجربة . والعلمانية . والديموقراطية .
إنه عبد الله زعزاع المناضل اليساري الصنديد الذي لم ينس اصوله الشعبية . وظل يذكرنا بذلك النوع من المناضلين السندينيين الحاملين لهموم الثورة والديموقراطية ، القريبين من شعوبهم ، التواقين للحرية في بلدان تعيقها الكثير من عوائق الحرية . وفي عهد الثورة الثانية بعد الثورة الكوبية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى