شواهد على التاريخ

في رثاء الجمعوي النبيل عمر لمان .. كم كان كبيرا وهو الرجل الميال إلى البساطة

عمر الذي ابتعد ليزداد اقترابا…

عمر لمان
الراحل عمر لمان

أنساه؟…ده كلام؟…أنساه؟…يا سلام؟…لم أعرف عمر اواسط ثمانينيات القرن الماضي كي نقضي فترة بصحبتي ويمضي كما يمضي العابرون..

.تعرفتُ على عمر فأدركتُ أنه سيسكنُ كما يسكن بعض من عرفتهم في أماكن قصية من الروح، واشتبكتُ معه في صداقة وطَّدَها التناغم الأيديولوجي الذي جعلنا نحلق في سماوات بعيدة حالمين بالانسان وبالوطن الجميل، ولكم غنينا – كان لعمر صوت قوي- ” إني اخترتك يا وطني، حبا وطواعية، إني اخترتك يا وطني سرا وعلانية…إني اخترتك يا وطني فليتنكر لي زمني…مادمتَ ستذكرني…يا وطني الرائع يا وطني”

ولكم شذا عمر بروائع الشيخ إمام التي كان يبرع في أدائها ” يا اسكندرية”…” يا حبايبنا”…” هومة مين واحنا مين” دون أن ينسى نصيبه من روائع صباح فخري والسيدة فيروز والوردة وردة والكبار..

كم كان كبيرا وهو الرجل الميال الى البساطة، بل الموغل في عدم الاهتمام بما يوليه غيره اهتماما…لم يسعى عمر يوما الى امتلاك ” سقط المتاع”…كان يقابل ايامه بابتسامة مُحَيِّرة: هل كان يسخر من تفاهة ما؟…هل كان يعلم ” وانتم لا تعلمون؟”…من عرف عمر عرف أنه ليس من هذا الكوكب وأنه عابر لا يجتهد كي يترك ما يدل على أنه عبر…أتى وجرى خلف ضالة هو وحده من يعلم عمقها، ومضى دون أن يودعنا كأنه يسبقنا كي يحجز لنا مائدة نتسامر حولها جريا على عادتنا في مقاهي “شارع الشجر”…آه عمر، كم تجاذبنا أطراف الحديث وكم اختلفنا وكم صبرتَ على صراخي وأنا أدافع عن رأي لا تتفق معي فيه؟…آه عمر.

أبكيك كما بكيتُ أخي الوحيد وأرثيكَ كما أرثي كل عزيزٍ سيترك جرحا وفراغا من أين لي بمن يملؤه؟…كم ترنمتَ عمر بأغنية الوردة ” بتونس بيك” وأنت معي…معنا…وكم سألوعنك شقيقُ روحك عبد الحق منافع قائلا بابتسامته الجميلة: أين المجرم؟…ألم يأتِ بعد؟…كان يقصدكَ…وكان خيط الروح الذي يجمعكما لا يدركه إلا العارفون بقوة الرابط الذي ألَّفَ بين قلبيكما صديقان/ رفيقان لأربعين سنة بالتمام والكمال…أغالبُ الدمع فأُهزم…أراوغ الذكرى فتأبى إلا أن تضع وجهك الجميل قبالة عيني..

.نم يا صاحبي نومتك الاخيرة وانهض يا صاحبي على وجوه من سبقونا وهم يحيطون بك مستقبلين وباسمين، أجبهم إذا ما سألوا عنا: هم قادمون…لم نحتفل هنا/ قد نحتفل هناك…وداعا عمر…الى اللقاء ايها الرفيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى