رأي/ كرونيك

حين تغدو مقاطعة الانتخابات فضيحة وهدية من السماء

مقاطعة الانتخابات من لدن فئة ترى أن العرض السياسي بمختلف أنواعه وأطيافه غير مقنع جزء من الديمقراطية….
وأول درس في الديمقراطية… أنها تستوعب المقاطعين أنفسهم، و لا تخونهم، ولا يتجند أقلام الوهم من نخبة التفاهة بحشرهم في خانات التزلف، ولا يصادر الإعلام هذا الحق في المقاطعة، بوصفه خدمة سياسية مجانية…
ليس هناك من ديمقراطي ولا حداثي… يمكن أن يصف من اختار المقاطعة لعدم قناعته بضرورة إجراء انتخابات لا تساهم في إنضاج الخيار الديمقراطي، ولا تفرز خيارا شعبيا لمشروع مجتمعي كم يتوقع ويرى، مقابل مشروع آخر منافس…أقول أن يصفه بالخيانة لخط ما، أو يتفنن في ابتداع المفارقات اللغوية ليلغي الخيارات المتعددة….
المقاطعة جزء من الديمقراطية….
المقاطعة خطاب سياسي، وممارسة من شأنها أن تؤثر على المشهد السياسي…
المقاطعة الجزئية مخيفة، ليس للنظام، بل للأحزاب التي لا تملك كتلة انتخابية منضبطة…
المقاطعة فضيحة… وعري… لأحزاب القبيلة والغنيمة…
وطبعا هدية على طبق من ذهب لأحزاب العقيدة…

بقلم الروائي والإعلامي: خالد أخازي

الذين تصدوا لمحاكمة خيار المقاطعة تخوينا أو حشرا في خطاب سياسوي ماكر، هم العسس الجدد للاستبداد، وهم صالونات التجميل لكل عيوب الحكم المطلق و بشاعة وجه السلطة الجامحة..

فيهم المثقفون الذي اختاروا الانتظار في قاعة الغنيمة، علهم يصحون ذات صباح على تعيين في سفارة، أو وزارة، أو مؤسسة دستورية…
هؤلاء على الأقل واضحون… نعرفهم… بصمتهم زمن الأزمة… يعرفهم الخليجيون أكثر منا، بهرفون ثمنهم، ونحن نعرف فقط عنوانين كتبهم… التي لم نعد نقرؤها منذ حادثة أوسلو..
فيهم أشباه المحللين الذي يحللون- من الحلال- الجمع بين الفاشية والديمقراطية، والنازية والحرية، أمثالهم هم فلاسفة ألمان عظام، ألهموا هيتلر، وشرعنوا الحكم بالدم…
وفيهم من لا يجدون ضررا في تفشي الفساد وتزييف الإرادة الشعبية بالمال والتسلط، وتدخل السلطة الناعم، وتعويم المسؤولية والقرار السياسي، لتعويم المساءلة والمحاسبة…
هؤلاء… يتحدثون في كل المواضيع….
من حماقات تبون إلى مناورات الجيش بالمحبس…
من سخافات حكومة اسبانيا المراهقة سياسيا إلى هلوسات ألمانيا الواهمة…


لكن الذين سيقاطعون الصندوق الشفاف شفافة العازل الطبي هم طيف غير منسجم، وأمزجة مختلفة، وعقول متباينة، وإرادات غير متفقة المرجعية…
فيهم الغاضب والناقم، والمظلوم والمقهور… واليائس الذي لم يعد يعنيه أي شاء غير كسرة الخبز … وفيهم… من لا يعلم… ومن لا يهتم.. ومن قسا على الوطن بأصابع الانتخابات حتى تكونت له حساسية مفرطة من كل زمن اقتراعي…
وفيهم الفاهم العالم العارف… ذو الخيار المؤسس على رؤية للمجتمع والدولة… المناضل من أجل نموذج آخر تنموي لا تصوغه جماعة شكيب بنموسى…
فيهم من يرى ما لا نرى، لكنه صامت مقاطع… منتظر…
الذين اختاروا المقاطعة، قد يكونون من أبسط مواطني ومواطنات هذا الوطن الذي ابتلي بنخبة ثقافية وفكرية وإعلامية بعضها مستعد بما تعلمه من أسرار الخطاب الإقناعي والحجاجي، و بما وفرته له السلطة المهيمنة من مواقع لتصريف خطابها لكن بجودة عالية، أن يقلب الأحكام و الادوار والمفاهيم والقيم… فيقنعك أن القوادة حداثة، وأن التحلل الأخلاقي شجاعة، وأن الاحتجاج وقاحة وإفراط في الحقوق، وأن انتقاد الاستبداد مس بالمؤسسات، وأن رفض العنف المؤسساتي، خصومة مع المؤسسات الأمنية… بخطاب ماكر يفتعل لك عداوة مع جهات أمنية بحجة أن له غيرة عليها، وأنه خديمها الذي لا يسمح بمس سمعتها…
التفاهقراطيا….. نخبة متضامنة في كل القطاعات… تدافع وتنافح عن أي شيء يضمن موقعها في نخبة التفاهة….
فيها مثقفون خبروا وحم السلطة، يحضرون لها ما تشتهيه قبل أن تشتهي…
هم في أكثر الأحيان… أشد غضبا من المؤسسات حين تنتقد…
وفي الحقيقة… المؤسسات يضرها هذا النوع من المثقفين ولا يزيدها إلا قتامة إذا ارتبط اسمه بإنجازاتها…
بعض المناضلين والمناضلين هم ضحايا يوم فهم افتعلته الأقلام الحقودة، الي بعضها يتشغل على زرع العداء ويؤمن خطابه العدائي بالاصطفاف مكرا مع جهة نافذة ، ليرغم الآخر على السكوت…فيفتعل له عداء وهميا مع جهات حساسة جدا وينبري هو للدفاع عنها، وهو في العمق يسيء إليها، لأنها لا تحتاج إلى أوراق محروقة شعبيا لترسيخ شرعيتها و تقوية علاقتها بالمجتمع…

هذه الأقلام… رغم خطابها الذي يمتلك آليات الإبهار، هي تافهة، ضمن جماعة” التفاهاقراطيا” فكلما ترافعت عن جهة ما أمام الشعب، أدانتها وأفسدت كل ود … فقط لأن من لا شرعية له لا يصنع شرعية الآخرين…

من اختار خيار المقاطعة… ليس بالضرورة… كائنا مشبعا بالدهون السياسية…والبروتينات الإيديولوجية..
من اختار خيار المقاطعة ليس بالضرورة… سجينا سياسيا سابقا لم تبرأ جراحه بعد ولم يعلن الصفح ولا الغفران…
ليس بالضرورة كائنا غاضبا… رافضا متطرفا.. قابعا في أقصى يسار اليسار…يرى الديمقراطية أكبر كذبة غي التاريخ…
ليس بالضرورة… كائننا يرفض كليا قواعد اللعبة… ويحلم بمدخلات جديدة لدولة أخرى في أدبياته..

قد يكون فقط… مثل آلاف المواطنين والمواطنات الذين يئسوا من الانتخابات ومن آثارها اجتماعيا واقتصاديا…
قد يكون فقط مثل تلك الأم التي رمت برضيعها في هروبا من الوطن وأمثالها من الأمهات والنساء اللواتي ضاقت بهن وبأبنائهن السبل في وطن اختطف ليلا… ووزع سرا…
قد يكون مجرد… مواطن أخذوا سلعته التي يبيعها على الرصيف أو صادروا عربته أو دراجته… أو حرموه من حق…أو قتلوه حيا…
فالموتى الأحياء كثيرون..
قد يكون مجرد مواطن هدوا براكته ومازال ينتظر…أو أخذوا داره وأرضه وعرضه وقدره..
قد يكون زوج حامل ماتت على عتبة مستشفى وأهلها وعشيرتها وكل من قتله حيا موتها في قمة عنفوانها…
فالأزهار حين تموت قبل الأوان… بحزن الظل والضوء معا…
قد يكون مجرد رجل صفعه رجل سلطة…أو تحرش بزوجته التعيسة، أو مجرد خائف لا يخرج حذرا للموت بالسيوف والخناجر الطائشة..


قد يكون …. ثم لا يكون…
لمجرد أنه منح قفة طعام، أو وعدا جميلا، أو ورقة نقدية..
قد يكون …
عقلا متنورا يرفض أن يفوض للفاسدين سلطة تزيدهم غنى واستبدادا..
قد يكون ديمقراطيا جدا، ينتظر أن تنضج ديمقراطيتنا… فتلفظ اللصوص والفاسدين والجلادين والانتهازيين….
قد يكون مثل رجل التقيته ذات عزاء… وسألني:

لمَ لمْ تحقق النيابة العامة في اتهام بوانو لثلاثة برلمانيين بالحصول على رشاوى من شركات التبغ مقابل التصويت على قانون للتخفيض الضريبي…؟

قد بكون…
مثل الآلاف الذين يتساءلون عن جدوى انتخابات… لم تفرز نخبة سياسية قادرة على محاسبة الفاسدين في ملفات كبرى نثل ملف الفساد في المخطط الاستراتيجي للتربية والتكوين، و كل ملفات الفساد والتهرب الضريبي، والاحتكار وملف المحروقات المعلق…
قد يكون مجرد مواطن يرفض الاستمرار في صناعة خدام الدولة… وتوسيع شريط أراضي طريق زعير…
أو فقط… مواطن… يخاف تجديد بطاقته الوطنية…
الذين يخافون من المقاطعة وتأثيرها على المشهد السياسي، بترجيح كفة العدالة والتنمية، لأنهم أكثر تنظيما ولهم قاعدة مصوتة قوية…
أقول…. لهم….
إن كان الأمر كذلك… فتلك هي الديمقراطية….
وخوفهم يعريهم…
وصخبهم فضيحة….
كالقاسم الانتخابي المصيبة…
والعيب ليس في المقاطع بل في خصوم العدالة والتنمية….

مايسة سلامة الناجي تدعو لمقاطعة الانتخابات القادمة

المقاطعة… مزاج… موقف….خبار سياسي… مجرد كسل… يأس… إحساس باللاجدوى… غضب… حقد ونقمة… اختفاء… غياب…
قالت مايسة أشياء كثيرة…
قد تقنع أحدا بالمقاطعة…
المقاطعة قد تخدم العدالة والتنمية…
وهذا حظهم في تنافس سياسي مازال يؤهلهم مجتمعيا للصدارة لطبيعة آليات الاشتغال السياسي، طببعة الطبقة المصوتة.
قد تعري المقاطعة الخلل السياسي…. لكنها جزء من اللعبة…
فلا تلعنوا من اختار ألا يلعب…
لأنكم تخافون من البيجيدي….
شغلكم هذاك…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى