رأي/ كرونيك

على هامش المصادقة على مشروع قانون التجنيد العسكري ما بين قانون 1966 و قانون 2018

استعادة الذاكرة.
يذكرني مشروع القانون الذي تم إحياؤه، والمتعلق بالتجنيد الإجباري، بالتطبيقات المنحرفة التي عرفها هذا القانون في صيغته الأولى التي انطلقت سنة 1966.
لقد جاء قانون التجنيد العسكري سنة 1966 مباشرة بعد أحداث 23 مارس 1965 التي فجرها التلاميذ وتبناها القطاع الطلابي بقيادة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وانخرطت فيها مجموع الجماهير الكادحة عبر مظاهرات حاشدة خلفت الكثير من القتلى والمجروحين والمعتقلين.

وكان من بين أهداف هذا القانون تلجيم الحركات الاحتجاجية الشبابية، والزج بكل النشطاء الشباب داخل الثكنات العسكرية بدل المعتقلات التي لم تعد تستوعب المزيد من المعتقلين. ولم يكن يشفع للشباب أي مبرر من المبررات التي تعفيهم من التجنيد مثل متابعة الدراسة والعجز والتحملات العائلية.
وقد بلغت قمة التلاعب بهذا القانون وتسخيره لقمع نضالات الشباب في ما وقع في السنة الدراسية 1970، حيث تم الزج بأعضاء من اللجنة التنفيذية وعلى رأسهم محمد لخصاصي رئيس الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وأعضاء من المجلس الوطني وعدد من مناضلي الاتحاد، في الثكنات العسكرية بحجة واحب التجنيد العسكري…في حين كان السبب الحقيقي هو النضالات البطولية التي كان يخوضها القطاع الطلابي والتلاميذي وعدد من القطاعات العمالية تحت شعار ” لكل معركة أو قضية صداها في الجامعة ” . الشيء الذي رفضته الجماهير الطلابية عبر اضراب لا محدود هدد بسنة جامعية بيضاء، مما جعل النظام يفرج عن ” المعتقلين المجندين ” الذين استقبلناهم ورؤوسهم حليقة بعد عودتهم من الثكنات. وتم التفاوض حسب كل كلية على انقاد السنة الجامعية. وجاء كل هذا اعتبارا لما عرفته سنة 1970 من هجوم عنيف للنظام السياسي على كل النضالات الجماهيرية واتساع رقعة المحاكمات وعلى رأسها محاكمة مراكش الشهيرة وأحكامها القاسية التي بلغت حد الاعدام الذي تم تنفيذه في حق العديد وعلى راسهم الشهيد عمر دهكون.

يعود القانون اليوم للوجود، وهو قانون لا يمكن التعليق عليه باعتباره يدخل في باب واجبات المواطنة المنصوص عليها دستوريا. لكن الظروف التي يأتي فيها بعد اتساع مساحات الحركات الاحتجاجية التي يقودها الشباب خاصة بكافة الوسائل، يجعل المتتبع يتخوف من سوء تطبيقاته، ومن استعماله كأداة قمعية جديدة لا يطالها الجانب الحقوقي الذي تعرفه الاعتقالات والمحاكمات، لأن هذه الاخيرة تسمح بطرح قضية الاعتقالات والمحاكمات الصورية كشأن حقوقي تلتف حوله المنظمات الحقوقية داخليا وخارجيا، أما التجنيد العسكري فهو ممارسة طبيعية للقانون المستمد من واجبات المواطنة المنصوص عليها دستوريا.

نعم لقانون التجنيد العسكري، والرفض كل الرفض لتطبيقاته المنحرفة عن أهدافه، واستعماله بتمييز طبقي خاص باستثناء أبناء المستفيذين من خدمة النظام، أو استعماله لفرز نشطاء الحركات الاحتجاجية وعزلهم في الثكنات، لا سيما وأن مهمة الاشراف عليه موكولة كما في القانون القديم لوزارة الداخلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى