سياسةفي الواجهة

تحليلي إخباري:هل سينهي المؤتمر الاستثنائي وقيادة جديدة مع تداعيات الهزيمة المدوية للبيجيدي؟

وضعت قيادة حزب العدالة والتنمية كل أمالها لإنقاذ الحزب من هزيمته الانتخابية المدوية على المؤتمر الاستثنائي، وباشرت عمليا التحضير له عبر انتخاب رئيس للمؤتمر، ووضع جدولة بتاريخ انعقاده.

المؤتمر الاستثنائي سيكون عليه، أن يفرز قيادة جديدة تقود الحزب في مرحلة انتقالية في أفق مؤتمر عادي كما ذكر البيان الختامي الصادر عن المجلس الوطني الاستثنائي الذي عقد أمس السبت بالرباط، والذي أدار أشغاله إدريس الأزمي.

الاستثنائي

أولى الخطوات التي باشرها الحزب المكتوي بنار الهزيمة الانتخابية القاسية، هو عقده للمجلس الوطني الاستثنائي، والتي قررت رئاسته إبعاده عن كاميرات الصحافة، والذي كان موضوعه الرئيسي، مناقشة أسباب الهزيمة غير المتوقعة بالحجم الذي انتهت إليه، و التي تلقاها حزب المصباح في انتخابات الثامن من سبتمبر الجاري، والبحث الأولي في مستقبل الحزب واين سيتموقع في مشهد سياسي، بات فيه التجمع الوطني للأحرار يتبوأ فيه الصدارةن متبوعا بحزب الاصالة والمعاصرة، وحزب الاستقلال.

حامي الدين يدعو لتواري الجيل المؤسس..ويستدرك

بن كيران وحامي الدينوكان العضو القيادي بالحزب، عبدالعالي حامي الدين، قد سبق انعقاد المجلس ليكتب مقالة توجيهية، ذكر فيها من بين ما ذكر، أن النتائج الرسمية التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية لا تعكس الوزن السياسي والانتخابي له، لكنها مع ذلك تبقى من المنظور الواقعي نتيجة حتمية لأسباب ذاتية بالدرجة الأولى وأخرى موضوعية لا يمكن إنكارها.

وبعد أن بسط عناصر تهم الجيل المؤسس للحزب، وعلاقته بالإسلام السياسي، اعتبر أن الخروج من مرحلة ما يسميه البعض ب”الإسلام السياسي” إلى مرحلة “ما بعد الإسلام السياسي” تبقى ضرورة حتمية لتحقيق الاندماج الضروري والاعتراف الموضوعي لهذه المدرسة السياسية الموجودة في البيئة المغربية، وهو ما لا يمكن تحقيقه عن طريق التناوب من داخل جيل التأسيس، أي عمليا دعوة لتواري الجيل المؤسس، وإفساح المجال لجيل جديد.

واضاف العضو القيادي بحزب المصباح، أن استدعاء شخصية من الجيل المؤسس قصد الجواب على نكسة 8 شتنبر هو جواب عاطفي محكوم بذكريات انتصارات 2015 و2016، وهو جواب قاصر عن فهم السياق السياسي الداخلي والخارجي الذي وفر البيئة المناسبة لنكسة 8 شتنبر ، دون الأخذ بعين الاعتبار ما عشناه خلال الولاية الأخيرة من خلافات حادة بين رموز الجيل المؤسس خصوصا حينما تصبح نوعية المواقف المتخذة في بعض الأحيان محكومة بخلافات ذات طبيعية نفسية معقدة.

غير ان حامي الدين سرعان ما سيتراجع عن هذا الموقف، وإن حافظ على تحميل القيادة السياسية التي قادت الحزب المسؤولية كاملة في ما آلت إليه أوضاعه ، والنتائج الكارثية التي حصدها في الانتخابات الأخيرة، ليعلن أنه بإمكان عبد الإله بن كيران“ أن يكون له دور انتقالي خلال هذه المرحلة لتمكين الحزب من إطلاق دورة جديدة من التفكير الهادئ، وإنعاش خياله السياسي، للاستفادة من خلاصات تجربة ثلاثة عقود من العمل السياسي المؤسساتي في هذه البلاد”.

امنة ماء العينين تدخل على الخط وتسبق بدورها الدورة الاستثنائية لبرلمان حزبها

امنة ماء العينين

القيادية أمنة ماء العينين، بدورها سبقت أشغال المجلس الوطني لحزبها، وكتبت: إن “المجلس الوطني مدعو أولا “للمصادقة السياسية” على استقالة القيادة الحالية التي اعترفت بمسؤوليتها وقدمت استقالتها وأعفت كل من سيحاول نزع المسؤولية عنها في تدبير مرحلة أفضت إلى شبه دمار”.

وأضافت ماء العينين في تدوينه لها على صفحتها على الفايسبوك، أن “المجلس الوطني عليه تنظيم مؤتمر وطني استثنائي عاجل كما هو مطروح على جدول أعماله، ينعقد بنفس شروط المؤتمر العادي الأخير، ينتخب أمينا عاما وقيادة قوية تملك شرعية التجميع وتحظى بثقة أغلبية أعضاء الحزب المصابين بالإحباط والحيرة”.

في السياق ذاته، وفي معرض توصيفها للقيادة القادرة على إخراج العدالة والتنمية من غرفة الإنعاش على حد تعبيرها أكدت أنها قيادة “تتميز بعقل كبير وأفق مستوعب، لها القدرة على الخروج بالحزب من غرفة الإنعاش وحالة الغيبوبة التي يعيشها، وتم التعاقد معها على التهييء لمؤتمر عادي في ظرف زمني مريح، ينكب على ما هو ضروري من مراجعات ونقد وتطارح للأفكار مع الإنصات الحقيقي لنبض الأعضاء والمتعاطفين ومن احتضنوا الحزب طويلا قبل أن يتخلوا عنه، لأن الحقيقة التي يجب الاعتراف بها هو أن ما كنا نسميه “النواة الصلبة” الثابتة التي تصوت للحزب في كل الظروف، لم تعد بتلك الصلابة والثبات المتصورين، وأنها لم تتوجه إلى صناديق الاقتراع، وإن كنا لا نزال نشك في ذلك، فلنلتفت إلى عائلاتنا وأصدقائنا ولنعترف كم من المجهود بذلناه هذه المرة لإقناع بعضهم بالتصويت، وكم فشلنا في إقناع البعض الآخر”.

قيادة تستقيل..لتمتص الغضب ليس إلا

قيادة تستقيل

عاد سعدالدين العثماني خلال اجتماع برلمان حزبه، ليؤكد ان أن استقالته واستقالة الامانة العامة سياسية و ليس تنظيمية، ومن جهته اعتبر إدريس الأزمي رئيس المجلس الوطني للحزب، أنه لا توجد اي استقالة، مؤكدا أنه لم يتلقى أي استقالة مكتوبة من الأمين العام وأعضاء الأمانة العامة، وبالتالي، أكد أن الأمانة العامة لازالت تمارس مهامها. ونفس الموقف عبر عنه سليمان العمراني، نائب الأمين العام للحزب الذي اوضح أن الاستقالة هي موجهة أساسا للرأي العام وليست تنظيمية. وخلف هذا الموقف ردود فعل رافضة من أعضاء في المجلس الوطني.

إلى ذلك، أشارت مصادر من داخل المجلس الوطني المنعقد، أن هذا الامر اثار استياء غالبية اعضاء المجلس الوطني، واعتبرته إشارة من الامانة العامة أنها تريد بهكذا موقف قطع الطريق عن عودة محتملة لعبدالإله بن كيران ليقود الحزب من جديد، و الذي يلقى قبولا من طرف الساخطين على تسيير سعد الدين العثماني وما بات ينعتون بالجناح الحكومي.

اكثر من هذا، اكتفى البيان الصادر عن المجلس الوطني الاستثنائي بكلمة موجزة “يثمن المجلس الوطني لحزب لعدالة والتنمية، قرار الأمانة العامة بالاستقالة تجسيدا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، معتبرا أنه يشكل “سلوكا سياسيا نادرا ورفيعا في مشهدنا الحزبي”.

معظم فقرات البيان، أعادت الهزيمة لما سمته بالخروقات والتلاعبات، وانتهت لخلاصة سياسية، مفادها أن هذه الخروقات والاختلالات “أفضت إلى إعلان نتائج لا تعكس حقيقة الخريطة السياسية والإرادة الحرة للناخبين وتشكل انتكاسة لمسار تجربتنا الديمقراطية ولما راكمته بلادنا من مكتسبات في هذا المجال”.

بل إن، سعد الدين العثماني وفي كلمته خلال انعقاد الدورة الاستثنائية لحزبه، ردد ولأكثر من مرة الخلاصات السياسية التالية، نحن أمام نتائج غير منطقية وغير مفهومة وغير معقولة، ولا تعكس الخارطة السياسية، كما لا تعكس موقع العدالة والتنمية وحصيلته في تدبير الشأن المحلي والحكومين أطروحة التصويت العقابي على النتائج التي حصل عليها الحزب في هذه الاستحقاقات، لا تستقيم وغير منطقية ولا مفهومة سياسيا؟.

كيفما كان الحال، يجد حزب العدالة والتنمية نفسه أمام امتحان عسير سياسيا وتنظيميا وحتى فكريا، وأمام منعطف سيحعله عاجز عن ممارسة المعارضة كما كان يمارسها في بدايته، ويقدم نفسه أنه نظيف اليد، وحتى الجانب التعبوي الديني والاخلاقي الذي كان يمارسه عن طريق جناحه الدعوي فقد بريقه، ولم تعد له نفس القوة التي كانت له فيما سبق.

وحتى الذين يعولون على عبدالإله بن كيران فيما يشبه النوسالجيا السياسية، سكونون أمام رجل لم تعد لخرجاته القوة ذاتها، بعد أن كان له دور بارز في الإجهاض على مختلف المكتسبات بما فيها إيجابيات دسور 2011، وبما فيها تسليمه بقوة الفساد وتراجعه عن القيام بالحد الأدنى لمناهضته، وبما فيها قناعة الحاكمين انه “داوي خاوي”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى