رأي/ كرونيك

محمد حمزة يكتب: جائحة كورونا وملحاحية العالم الافضل

يقول خبراء البيئة ،إن التدمير المتصاعد للحياة البرية وأزمة المناخ تضر بالإنسانية ويعتبر مدير البيئة في الأمم المتحدة أنغر أندرسن بان كوفيد19 “صرخة تحذير واضحة”. الطبيعة تحذر من تدمير المحيط الحيوي وتغيير المناخ ومن العواقب الضارة للاستغلال المفرط وبدون حدود للطبيعة.
بقلم الباحث محمد حمزة
نعيش عالما يدمر الطبيعة والانسان ويستنزف الموارد الطبيعة ؛ عالم تعيش عالم يخضع لثنائية التقدم / التوحش ،حسب تعبير المفكر الفرنسي ادغار موران ؛ التقدم ناتج عن استعمال الانسان الحديث للعلم والتقنية للتطور التاريخي والحضاري والارتقاء المادي . والتوحش هو نتيجة اخضع هدا العلم والتقنية للتنافس الاقتصادي وسيادة المال . الرأسمالية المعولمة أصبح اقتصاد السوق عقيدة وتغولت المؤسسات المالية(البنك الدولي، صندوق النقد الدولي و منظمة التجارة العالمية) على الاقتصاد العالمي وعلى الدول والشعوب .
الطبيعة
هده المؤسسات الغير المنتخبة هي التي تملي على الدول السياسات والخطط التنموية ، وأضحت عائقا لأي تنمية اجتماعية مستقلة وتضرب كل أشكال التوافقات الدولية والوطنية والمواثيق الاجتماعية وكل أشكال التضامن. مما عمق ….الرأسمالية المعولمة انتجت توحشا متعاظما للانسانية مؤسسا على الاستلاب العالمي من جهة واستلاب الشغل والاستلاب الاقتصادي من جهة اخرى، مما حرم المجتمعات من الحد الادنى من التحكم في مستقبلها . فالقرار الدي وضع في لاارادية السوق ، يقول سمير امين، سيدمر لا محالة معنى الحياة.
بموازات مع التراجع الاخلاقي للراسمالية المعولمة ، هناك خطر الانهيار البيئي. فالانتاجية المفرطة والتقدم بدون حدود والاستعمال المفرط للموارد الطبيعية وتدمير النظام البيئي ، لن يمكن من الاستمرار المتواصل للحياة الفيزيائية والبيولوجية، فالإنسانية لن تواجه النفاد المستقبلي لبعض الثروات الطبيعية فحسب ، بل ستواجه تدمير الموارد الأساسية لحياة الإنسان كالتربة . والماء والهواء والمحيط الجوي والطقس….
.فالنشاط الإنساني ينتج تأثيرات غير قابلة للانعكاس. والتي لها نتائج كارثية على الطبيعة ومن تم على الكائن البشري..الكائنات
وسيعيش العالم مزيد من الحروب على الموارد والماء ومزيد من الوفايات نتيجة تكاثر الاوبئة . وحسب تقرير لباحثين اوستراليين ، فان نصف سكان العالم سيتعرضون الى 20 يوما من الحرارة المميتة chaleur letale في سنة 2030، ادا استمرارتفاع دراجة حرارة الكوكب. هناك تقرير لوزير البيئة السبق بفرنسا يقول بموت 75 في المائة من سكان الارض في عام 2060 ادا لم تتخد الاجراءات اللازمة للحد من ارتفاع درجة الارض.
تحن امام عولمة ليبرالية المتوحشة التي تعتمد الجشع والاستغلال والتفاوت بين الدول وداخل الدول وتدمر الانسان والطبيعة. والمكوك الفضائي، الذي هو الأرض ،الدي يقول عنه ادغار موران، مدفوع بسرعة جنونية من قبل المحركات الأربعة غير المتحكم فيها وهي العلم، التقنية، الاقتصاد، والربح. ويقودنا هذا السباق نحو أخطار متصاعدة: اضطرابات أزماتية وحرجة لاقتصاد رأسمالي منفلت، تدهور محيطنا الحيوي، تشنجات عدوانية متصاعدة مرتبطة بتراكم لأسلحة الدمار الشامل، فكل هذه الأخطار تنمي بعضها البعض.
إدغار
يجب علينا قبل كل شيئ، يضيف ادغار موران ، مقاومة الهمجية الصاعدة، إلا أن “لاء” مقاومتنا يجب أن تتغذى ب”نعم” تطلعاتنا. إن مقاومة كل ما يبخس الإنسان من طرف الإنسان، وكل استعباد وكره وإهانة يجب أن تتغذى بالتطلع، ليس إلى عالم مثالي، ولكن إلى عالم أفضل. هذا التطلع الذي لم يتوقف عن الظهور وإعادة الظهور على مر التاريخ الإنساني، سيولد مرة أخرى.
النضال من اجل عولمة انسانية حضارية اشراكية متضامنة ممكنة لان الحضارة التي انجزتها الراسمالية غير مكتملة وليست ابدية . والطريق الى دلك يقول سمير امين ستكون طويلة مادام الامر يتعلق بانشاء حضارة جديدة ارقى من الحضارة الراسمالية ، وهدا يتطلب القطع مع تجربة الواقعية الاشتراكية التي لم تنتج اكثر من رأسمالية بدون رأسماليين وتحول ديكتاتورية البروليتاريا الى دكتاتورية الفرد والتي تحولت الى دكتاتورية الشخص

التقدم ليس حتميا ، لكنه ممكن بانضاج مخارجه المجتملة .

المطلوب هو ايجاد الطريق للعبور ، فغالبا ماشاهدنا خلال مجرى التاريخ ، يقول ادغار موران ،بان الممكن قد يصبح مستحيلا واللامحتمل قد يتحقق اكثر من من المحتمل ، لنراهن على اللا محتمل ليصبح محتملا : لنراهن على عالم افضل، مدخله تحرير الافراد والجماعات واصلاح المجتمعات ،لتأسيس عالم يكون فيه التفاهم بين البشر بدل التنافس واستقلال الشعوب والأمم وربط الديمقراطية بالتنمية الاجتماعية ، عالم يزيل الصبغة التجارية على الصحة والتعليم وعلى البرامج الثقافية والعلمية وموارد الارض الطبيعية والزراعة .
المطلوب الان هو النضال من اجل عولمة انسانية أكثر ديمقراطية وأكثر حضارة في أفق العالم الأفضل ( وليس أفضل العوالم )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى