الرئسيةحول العالمدابا tvمغاربية

لم أكن أتوقع أن يكون الانتقام مني عن طريق والداتي 71 عاما..قصة “هروب” أميرة بوراوي من سلطات الجزائر+فيديو

عندما استقلت الناشطة الجزائرية المعارضة، أميرة بوراوي، طائرة متجهة إلى فرنسا من مطار تونس قرطاج، الشهر الماضي، اعتقدت أن محنتها قد انتهت أخيرا، بعد أن وضعها نشاطها السياسي في مرمى نيران السلطات الأمنية بالبلاد خلال السنوات الأخيرة، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".

تقول الصحيفة، إنه و بعد محاولتين فاشلتين، تمكنت بوراوي من الفرار من بلدها، بعد أن دخلت إلى تونس بشكل غير قانوني وتدخلت التمثيلية الدبلوماسية الفرنسية لتوفير الحماية لها ومساعدتها في السفر إلى فرنسا.

توضح بوراوي، 47 سنة، في مقابلة أجرتها معها  الصحيفة في ضواحي باريس حيث تقطن اليوم: “كنت على استعداد لفعل أي شيء لمغادرة الجزائر”، معتبرة أن “عدم قدرتي على التعبير عن نفسي بحرية كان بمثابة موت بطيء بالنسبة لي”.

قالت لم أتوقع  بحسب حديثها للصحيفة، أن يكون “انتقام الحكومة الجزائرية” التي وجهت إلى والدتها البالغة من العمر 71 عاما وابن عمها وأحد معارفها وسائق سيارة أجرة وموظف جمارك، تهم بـ “التآمر الإجرامي” لمساعدتها على الفرار.

وبعد أسابيع قليلة من هروبها إلى خارج بلادها، تصرّح الناشطة للصحيفة الأميركية: “يقولون لي، لقد وصلنا إليك من خلال والدتك”.

الناشطة السياسية الجزائرية، أميرة بوراوي

تشير الصحيفة، أن ملف الناشطة بوراوي  ليس سوى جزءا فقط مما وصفه أكاديميون ومنظمات حقوقية بـ”حملة القمع الواسعة” على النشطاء السياسيين والمدنيين، حيث تم خلال السنوات الأخيرة سجن مئات النشطاء ودفع عشرات آخرين إلى الهرب إلى الخارج، مع فرض “خناق” على آخر وسائل الإعلام الإخبارية المستقلة المتبقية.

وبعد مرور  أربع سنوات من  “الحراك”، التي أطاحت بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تبددت آمال الجزائريين في التغيير والانتقال نحو ديمقراطية حقيقية، بحسب الصحيفة التي تشير إلى أن “نشطاء الحراك يشعرون اليوم بالحنين إلى أيام بوتفليقة”.

في هذا السياق، تقول بوراوي: “كنا أكثر حرية، أشعر بالحزن لقول هذا”.

واكتسبت بوراوي، طبيبة أمراض النساء، شهرتها في عام 2010، من خلال إعلان معارضتها الصريحة لحكم بوتفليقة.

وبعد اندلاع الانتفاضة الشعبية لعام 2019، تحولت الناشطة الجزائرية إلى وجه للحراك الذي عرف خروج آلاف المتظاهرين من خلفيات مختلفة إلى الشوارع للمطالبة بإنهاء حكم النظام غير الديمقراطي المدعوم من الجيش، وفقا لنيويورك تايمز.

ودفعت المظاهرات الرئيس بوتفليقة إلى التنحي من منصبه قبل أن يتم انتخاب الرئيس الجديد، عبد المجيد تبون، والذي قدم وعودا بالاستجابة لمطالب المحتجين الذين نادوا بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وعبر عن حسن نيته بإطلاق سراح المتظاهرين المحتجزين، خلال أيام حكمه الأولى.

تقول بوراوي، إن من بين التصريحات الأولى للرئيس تبون، إعلانه عن مد يده للحراك، مضيفة، “لقد صدقته، غير أن اليد الممدودة كانت فقط لضربنا”.

استغلت السلطات الجزائرية  انتشار جائحة كورونا و توقف الاحتجاجات الأسبوعية بالجزائر، لتعود  أجهزتها  الأمنية ، لتعتقل  عشرات النشطاء بحسب المصدر ذاته، و التي لفتت إلى أنه إلى حدود شهر أكتوبر الماضي، ما يزال حوالي 250 شخصا “محتجزين في السجن لمشاركتهم في الاحتجاج السلمي أو النشاط أو التعبير”، نقلا عن تقرير هيومن رايتس ووتش.

وحُكم على بوراوي التي واجهت عدة اعتقالات وأمضت عدة أيام في الحجز، في عام 2021 بالسجن لمدة عامين بتهمة “إهانة الإسلام” وإهانة الرئيس، لكنها استفادت من إطلاق سراح مشروط.

قالت الخبيرة الجزائرية في معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية، داليا غانم، إن سلطات بلدها استهدفت على وجه التحديد الأفراد والجماعات الذين لهم صلات بالحراك خوفا من اندلاع احتجاجات جديدة.

وقبل أسبوعين، أعلن مجلس الدولة في الجزائر، عن حل الجمعية الشبابية “تجمع عمل شباب”، التي برز دورها خلال الحراك الشعبي في 2019، كما تم تعليق حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، اليساري.

وبداية العام الجاري، قررت السلطات الجزائرية حل “الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان”، والتي تعد أقدم منظمة حقوقية مستقلة في البلاد، إلى جانب سجن صحفيين وإغلاق عدد من المؤسسات الإعلامية المستقلة.

نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، سعيد الصالحي، يقول “إنهم يسعون إلى تقويض عمل منظمات المجتمع المدني، ومعه أي أمل في عودة الحراك”.

وعلى خلفية القرارات الأخيرة، دعت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، ماري لولور، إلى “إنهاء أعمال الترهيب والإسكات والقمع ضد حركة حقوق الإنسان”.

وأوضحت أن “قرار حل مثل هذه الجمعيات الحقوقية المحترمة يظهر حملة قمع مقلقة ضد منظمات المجتمع المدني ويقوض بشكل خطير المساحة المتاحة للمدافعين عن حقوق الإنسان للقيام بأنشطتهم المشروعة في مجال حقوق الإنسان، والتجمع بحرية والتعبير عن أنفسهم”.

ولم ترد وزارة العدل الجزائرية على عدة طلبات للتعليق، وجهتها الصحيفة الأميركية.

في الخريف الماضي، أكد وزير العدل الجزائري، عبد الرشيد الطبي،التزام الدولة الجزائرية الثابت بالعمل من أجل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في الجزائر وفي أي مكان في العالم.

وأضاف المسؤول الجزائري خلال استعراضه التقرير الدوري الشامل لبلاده، بمجلس حقوق الإنسان بمدينة جنيف، أنه “لا يوجد في الجزائر ما يسمى بجريمة الرأي والصحافة ولا عقوبة سالبة للحرية بالنسبة للمهنيين الإعلاميين في إطار ممارسة وظائفهم”.

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن السلطات الجزائرية تلجأ بشكل متزايد إلى تهم فضفاضة الصياغة تتعلق بالإرهاب لمقاضاة الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والنشطاء السياسيين، ولتجريم المنظمات السياسية عبر تصنيفها بـ”إرهابية”؛ وذلك في حملة قمع جديدة ضد المعارضة.

وفي عام 2021، أدخلت الحكومة الجزائرية تعديلات على قانون العقوبات ووسعت نطاق التهم المتعلقة بـ”الإرهاب” بشكل يسمح بمحاكمة النشطاء السلميين والأصوات المنتقدة، بحسب خبراء الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان.

يقول  الصالحي تعليق على ذلك للصحيفة: “مع هذا التعديل سحقوا الحراك”، مضيفا أن تهم الإرهاب “لعبت على مخاوف عميقة وسط السكان الذين ما زالوا يعانون من الصدمة من الحرب الأهلية مع الإسلاميين في التسعينيات والتي خلفت ما يصل إلى 100 ألف قتيل”.

وواجهت السلطات الجزائرية انتقادات حادة في الخريف الماضي في الأمم المتحدة، عندما تمت مراجعة سجل الجزائر في مجال حقوق الإنسان، غير أن الصحيفة تشير إلى أنه يبقى من غير الواضح، ما إذا كانت الإدانة ستؤثر بشكل دائم على مكانة البلاد الدولية، مبرزة أن الجزائر واحدة من أكبر منتجي الغاز الطبيعي في العالم، وقد استفادت من أزمة الطاقة الناتجة عن الحرب في أوكرانيا لبناء شراكات جديدة مع الغرب.

وبعد أن هربت بوراوي تحت حماية القنصلية الفرنسية، اتهمت وزارة الخارجية الجزائرية فرنسا بتسهيل “عملية تهريب غير شرعية لمواطن جزائري” واستدعت سفيرها في باريس بسبب هذه القضية.

وفي خطوة وصفتها الصحيفة بالتصعيدية، نشرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية بيانا انتقدت فيه أجهزة المخابرات الفرنسية، معتبرة أن هذه الأخيرة على وشك بلوغ هدفها المتمثل في إحداث القطيعة في العلاقات الجزائرية الفرنسية”.

أكدت  بوراوي أنها قررت الفرار عبر تونس بعد أن وجهت إلى رئيس تحرير محطة إذاعية مستقلة حيث كانت تقدم برنامجا أسبوعيا تهمة نشر مقالات تهدد الأمن القومي وتم توقيفه، قائلة “كان الخناق يضيق”.

وأوضحت الناشطة الجزائرية: “كانت آمال التغيير خلال حراك 2019، كبيرة بنفس قدر خيبة الأمل التي نعيشها اليوم”.

المصدر: الحرة و”نيويورك تايمز” وBBC

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى