الرئسيةسياسة

المغرب أمام صعوبة تحقيق التوازن بين تحالفه مع إسرائيل بقيادة يمينية دون تخليه عن الفلسطينيين

بعد تطبيع علاقاته مع إسرائيل، يجد المغرب نفسه مضطرا لتحقيق التوازن بين الدفاع عن تحالفه مع الدولة العبرية، دون التخلي عن القضية الفلسطينية، لا سيما بعد وصول الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل إلى السلطة.

أ ف ب/ يواجه المغرب معضلة إقامة توازن بين الدفاع عن تحالفه “الاستراتيجي” مع إسرائيل من دون التخلي عن القضية الفلسطينية التي ما زالت تحظى بتأييد شعبي، بعد وصول الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل إلى السلطة.

برز هذا الإشكال، مؤخرا، عندما وبخ الملك محمد السادس حزب العدالة والتنمية الإسلامي (معارضة برلمانية)، ردا على موقف يدين فيه انحياز الدبلوماسية المغربية لصالح إسرائيل.

واعتبر الديوان الملكي في بيان هذا التصرف بكونه “غير مسؤول”، ويتضمن “مغالطات خطيرة”، من جانب الحزب الذي اتهم وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، “بالدفاع عن الكيان الصهيوني في بعض اللقاءات الأفريقية والأوروبية”.

وشدد القصر الملكي أن موقف المغرب من القضية الفلسطينية “لا رجعة فيه”.

كما تؤكد الرباط بشكل منتظم التزامها لصالح القضية الفلسطينية، التي “تعد من أولويات السياسة الخارجية لجلالة الملك رئيس لجنة القدس”، التي تعنى بالحفاظ على الطابع الإسلامي للمدينة.

وعلق وزير الخارجية المغربي في هذا السياق قائلا إن “المملكة تدين وترفض دائما كل تصرف غير مسؤول، وكل تصرف يمكن أن يكون تحريضيا أو ذا أثر سلبي”، تعليقا على التصريحات الأخيرة لوزير إسرائيلي من اليمين المتطرف أنكر فيها وجود الشعب الفلسطيني.

ويعتبر الصحافي والكاتب المغربي جمال أعميار، الذي ألف كتابا حول “المغرب وإسرائيل واليهود المغاربة”، إن “إقامة علاقات مع إسرائيل مع دعم القضية الفلسطينية ليس تناقضا، إذا كنا ندافع عن حل الدولتين”.

“إمكانيات هائلة”

وبشأن موقفه من النزاع يدافع المغرب عن إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، عاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب دولة إسرائيل.

ويذكر أن الرباط قد طبعت علاقاتها الدبلوماسية مع تل أبيب في ديسمبر 2020، في إطار اتفاقيات أبراهام، التي شملت عدة دول عربية برعاية الولايات المتحدة.

في مقابل ذلك حصلت الرباط على اعتراف من واشنطن “بالسيادة المغربية” على الصحراء المغربية، الإقليم الذي تطالب به جبهة البوليساريو مدعومة من الجزائر.

ويعتبر أعميار أن “اتفاقيات أبراهام غيرت المعطيات وما تزال تغير أمورا كثيرة بسرعة كبيرة”.

وقد تسارعت وتيرة الشراكة بين البلدين منذ ذلك الحين، خصوصا في ميدان التجهيزات العسكرية (طائرات مسيرة) والأمن السيبراني، في سباق نحو التسلح مع الجزائر في سياق توتر بين الجارين.

إذا كان التعاون الاقتصادي ما زال بعيدا عن الطموحات، فإن التبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل ازدادت في العام 2022 (+32 بالمئة) لصالح إسرائيل. كما تزايد عدد السياح الإسرائيليين الذين زاروا المملكة (200 ألف زائر إسرائيلي)، حسب الأرقام الرسمية.

من جهته يذكر أعميار بأن “الشراكة مع إسرائيل تقوم على مصالح أمنية مشتركة، وعلاقات قديمة مكنت من بناء الثقة بين الدولتين”.

تستند هذه الشراكة، أيضا، على وجود حوالي 700 ألف إسرائيلي يتحدرون من المغرب، وحافظوا على روابط قوية مع بلدهم الأصلي.

من جهته يعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط زكريا أبو الذهب أن “هذا الرابط الإنساني والثقافي يعزز فكرة تقوية العلاقات مع الدولة العبرية، بغض النظر عن الظرفية السياسية والجيوسياسية”.

“رؤية غير واضحة”

لكن وصول تيار من اليمين المتطرف إلى السلطة في إسرائيل، مناهض لأي استئناف للمفاوضات مع الفلسطينيين، والعنف في الأراضي المحتلة، بعد عقبة إزاء هذا التقارب.

ويوضح أعميار أن “أي تدهور مستمر في العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الضفة الغربية أو غزة لا يمكن، بطبيعة الحال، إلا أن يؤثر سلبيا على موقف الرأي العام إزاء العلاقات مع إسرائيل”.

إذا كانت الاستجابة للأنشطة النضالية المؤيدة للفلسطينيين قد ضعفت في المغرب، فإن التعاطف مع هذه القضية لا يزال واسعا.

ومؤخرا وجهت مئة شخصية من المجتمع المدني نداء إلى الحكومة المغربية من أجل وضع حد للتطبيع.

ويرى زكريا أبو الذهب أن “المجتمع المغربي، بكل تياراته، ليس بالضرورة مقتنعا بالتطبيع الذي يمكن أن يكون على حساب القضية الفلسطينية”.

لكن هل يمكن أن يؤدي استمرار المواجهات في الضفة الغربية إلى ضرب أسس اتفاقيات أبراهام؟

في رأي الأستاذ الجامعي “في سياق مضطرب، تزيده معطيات الأوضاع في الشرق الأوسط تعقيدا، من قبيل استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، تصبح الرؤية غير واضحة”.

ومما يؤكد ذلك أن قمة النقب، التي كان يفترض أن تجمع هذا الشهر في المملكة وزراء خارجية الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر والمغرب والإمارات والبحرين، تم تأجيلها بحسب مصادر دبلوماسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى