الرئسيةرياضةمجتمع

بعد الهزيمة مع ألمانيا انقلبت لتنمر ودعوة من البعض للعودة للمطبخ..كيف قدمت سيدات المغرب درساً بليغاً في الإصرار؟

كرة القدم المغربية تستمر في الإبهار وهذه المرة مع السيدات اللائي انتزعت تأهلا من دور المجموعات بدا لوهلة مستحيلاً. كيف تحقق ذلك؟ وما طبيعة المواجهة القادمة مع فرنسا؟

DW الألمانية/رغم إنجاز منتخب المغرب للرجال في مونديال قطر، لم يكن الكثير من المغاربة يؤمنون أن منتخب المغرب للسيدات قد يحقق نتائج كبيرة في مونديال استراليا ونيوزيلندا، ولم تشكل استعداداته للمشاركة حدثاً كبيراً، لأسباب كثيرة، أهمها أن كرة القدم النسائية غير متطورة في المغرب.

لكن منتخب السيدات، وفي أول مشاركة له وللعرب عموماً، حقق إنجازاً غير مسبوق، إذ تأهل للدور الثاني، في مجموعة جمعته بكولومبيا وكوريا الجنوبية وألمانيا. منتخب هذه الأخيرة خرج من السباق مبكراً باحتلاله المركز الثالث بأربع نقاط، بينما انتزعت لبؤات الأطلس المركز الثاني بست نقاط.

دروس كبيرة

أول درس قدمته سيدات المغرب في هذه البطولة هو النهوض سريعاً من الهزيمة. ليست الهزيمة فقط، بل الهزيمة بنتيجة قاسية في أول مباراة للمنتخب المغربي في نهائيات كأس العالم. ظهرت رفيقات غزلان الشباك بوجه شاحب للغاية أمام رفيقات أليكساندرا بوب، وانهزمن أمام “الماكينات” الألمانية بستة أهداف لصفر.

وتعرّضت لاعبات المنتخب المغربي لحملة سخرية واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي، وإن كانت السخرية من الهزائم أمراً عادياً لدى الجمهور المغربي، فلطالما تعرّض منتخب الرجال لسخرية كبيرة عندما كان يحقق نتائج هزيلة للغاية في كؤوس إفريقيا أو تصفيات المونديال.

لكن السخرية من الهزيمة أمام ألمانيا انقلبت إلى تنمر في كثير من الحالات، خصوصاً دعوة اللاعبات إلى العودة إلى المطبخ والقول إنهن لن يبرعن سوى في أشغال البيت. وانتشرت صور أخرى تقول إن النساء المغربيات يمكن أن ينهزمن في أيّ شيء إلا دعاوى الإنفاق أمام المحاكم.

غير أن هذه الصور السلبية بدأت تتبدد عندما استيقظ عدد من المغاربة على خبر فوز المنتخب أمام كوريا الجنوبية 1-0، جرت المباراة في الساعة الخامسة والنصف صباحا بتوقيت المغرب يوم الأحد الماضي، وبحكم فارق التوقيت لم تحفل بمتابعة كبيرة.

تحسن منتخب المغرب كثيراً في تلك المباراة، خصوصاً على المستوى الدفاعي، وظهر الدفاع صلباً ومغايراً تماما لما كان عليه أمام الألمانيات، كما تشجع كثيراً على مستوى الهجوم وخلق عدة فرص.

قام المدرب رينالد بيدروس بأربعة تغييرات على تشكيلته الأساسية، اثنان في الدفاع عبر الزج بالمُدافعتين نسرين الشاد ونوهيلة بنزينة مكان “سارة كاسي” و”ياسمين أمرابط”، وفي خط الهجوم، أدخل سلمى أماني وابتسام الجريدي مكان روزيلا عيان وأنيسة لحماري، وكان تغييره على مستوى الهجوم صائباً إذ سجلت الجريدي هدف الفوز في المباراة.

انتشرت التهاني في مواقع التواصل، لكن هزيمة ألمانيا أمام كولومبيا 1-2 أعادت الشك مرة أخرى، بحكم أن المنتخب المغربي لم يعد يملك مصيره بأقدام لاعباته، وبات يحتاج الفوز في مباراته الأخيرة أمام كولومبيا، وانتظار تعثر الماكينات الألمانية.

المستحيل ليس مغربياً

تمسك المنتخب المغربي بالأمل في المباراة الأخيرة، ودخلت اللاعبات بنية الفوز، وأجرى المدرب تغييراً واحداً بعودة أنيسة لحماري. كادت سيدات المغرب يسجلن الهدف الأول في أول دقيقة، وضغطن كثيراً على مرمى الكولومبيات. وقبل نهاية الشوط الأول، حصلت سيدات المغرب على ضربة جزاء، أضاعتها غزلان الشباك لكن أنيسة لحماري كانت موجودة لإدخال الكرة إلى المرمى.

ومرة أخرى، تبينت صلابة المنتخب المغربي في الدفاع، ومحا تماماً الصورة السلبية التي ظهر عليها في المباراة الأولى، بل تحوّلت الحارسة خديجة الرميشي إلى إحدى نجمات اللقاء، وصدت هدفين محققين للكولومبيات، عكس ما كانت عليه أمام الألمانيات.

انتهت مباراة المغرب وكولومبيا، لكن اللاعبات بقين في ساحة الملعب يتابعن من هاتف جوال مباراة ألمانيا وكوريا الجنوبية، إذ امتدت هذه المباراة لما يصل لـ 17 دقيقة مضافة بسبب توقفات عديدة أثناء المباراة.

كثفت الألمانيات من ضغطهن وسنحت لهن محاولة في آخر الدقائق من كرة سددتها اللاعبة لوهمان، مرت بجوار القائم، لتكون آخر محاولة خطيرة ولم تشكل الدقائق بعدها أيّ خطورة، لتعلن الحكمة نهاية المباراة وتنطلق أفراح المغربيات.

النساء يثأرن للرجال؟

المنتخب الفرنسي تطور كثيراً في آخر السنوات، وأضحى من كبار القارة الأوروبية

لا يحمل المغاربة ذكريات جميلة في مبارياتهم مع الفرنسيين. لم يلتقِ الطرفان في المباريات الرسمية إلا بشكل نادر جداً، لكنهما اصطدما في نصف نهائي مونديال قطر 2022، وحينها انتصر الفرنسيون بهدفين لصفر، لينهووا مساراً استثنائياً لأسود الأطلس الذين حققوا إنجازاً إفريقياً وعربياً غير مسبوق.

هذه المرة، يلتقي المنتخبان مبكراً، في دور الثمن النهائي، بعدما تصدرت فرنسا مجموعتها أمام جامايكا والبرازيل التي خرجت في مفاجأة مدوية. على الورق تبدو مهمة المغربيات صعبة للغاية، فالمنتخب الفرنسي تطور كثيراً في السنوات الأخيرة، وأضحى من كبار القارة الأوروبية، إذ وصل لنصف نهائي كأس أوروبا الأخيرة، وأقصي من ربع نهائي مونديال 2019، وكان أفضل إنجاز له في المونديال، هو نصف النهائي في نسخة 2011.

وتعدّ المواجهة خاصة كذلك، بحكم أن مدرب منتخب فرنسا، هو هيرفي رونار. يعرف المغاربة جيداً هذا الاسم، فهو المدرب الأسبق لمدرب الرجال، وهو من أهلّ هذا المنتخب لكأس العالم في روسيا عام 2018 بعد غياب أسود الأطلس عن النهائيات منذ مونديال 1998.

يحتفظ رونار بعلاقة طيبة مع المغرب، وصرّح عند مواجهة المغرب وفرنسا في مونديال قطر أنه سيشجع الأول وليس منتخب بلاده. لكن هذه المرة، سيتحوّل رينار إلى عامل قوة إضافي للمنتخب الفرنسي، فهو يعرف جيدا كرة القدم المغربية، وإن لم تكن له خبرات كبيرة مع كرة القدم النسائية، عكس مدرب المنتخب المغربي بيدروس الذي درب سيدات أولمبيك ليون الفرنسي قبل أن يحلّ الرحال في المغرب.

ولم يبدُ رونار راضيا عن أداء المنتخب الفرنسي في المباراة الأخيرة أمام بنما، ورغم الفوز بستة أهداف مقابل ثلاثة، فقد صرح رونار لقناة فرانس 2 بعد المباراة لأن هناك أمورا كثيرة لم تعجبه في الشوط الثاني، وأنه كان بالإمكان جعل المباراة أكثر سهولة، داعياً اللاعبات إلى احترام كرة القدم، وإلى الاستعداد لما اعتبرها المنافسة الحقيقة التي تبدأ في أدوار خروج المغلوب.

المصدر: نقلا عن DW الألمانية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى