الرئسيةثقافة وفنوندابا tv

السينما و فيلم أعجبني…فيلم “الحياة الوردية” سيرة امرأة أحرقت ذكرياتها لتنير الطريق + فيديوهات وصور

هذه المادة يتم إنجازها بشكل مشترك بين ّدابا بريس” ومجموعة عشاق الفن السابع التي يديرها الكاتب عبد العزيز كوكاس.

حلقة اليوم: فيلم “الحياة الوردية” سيرة امرأة أحرقت ذكرياتها لتنير الطريق

الكوكاس
بقلم الاعلامي والكاتب عبدالعزيز كوكاس

بعد فيلمي “Ray” و”Walk The Line”، وهما فيلمان أمريكيان يجسدان السيرة الذاتية لنجمي أغنية أسطوريين، أبدعت السينما الفرنسية عام 2007 فيلما مثيرا la vie en rose عن أشهر مغنييها: إيديث بياف. فقد اتخذ المخرج أوليفيه داهان اختيارات محددة لـ “La Môme”  سواء في القصة أو في طريقة سردها وتصويرها سينمائيا.

 

 

بحيث ينتقل بنا عبر سرد غير خطي في مسار اللحظات المثيرة لحياة المغنية الأسطورية إديت بياف.. يتأرجح الفلم ذهابا وإيابا بين فترات مختلفة من حياة المغنية التي بلغ صيتها العالم، يأخذنا من طفولتها المبكرة إلى لحظة وفاتها. هذه العملية الممتعة في سرد مسار حاضر بياف ثم العودة إلى الماضي عبر الفلاش باك.. قد تكون مربكة أو حتى مزعجة لدى البعض لأنها تعقد الفهم، لكن المخرج الفرنسي داهان أدرك صعوبة الأمر، لذلك غالبا ما يحدد السنوات في كل مشهد أو تتولى بياف تحديد عمرها مع كل انتقال من الشارع إلى خشبة المسرح.

كانت بياف ابنة مغنية شوارع. ووالدها بهلوان سيرك، كبرت في فندق دعارة بئيس حيث تناوبت على تربيتها عاهرات الفندق حيث تركها والدها في رعاية الباطرونة صديقته، رافقت والدها الذي يعمل بهلوانا وهو يتنقل من بلدة إلى أخرى، كانت تخشى تكرار سيرة أمها أو مربياتها لذلك هجرت والدها وضربت في أحضان الدنيا القاسية تغني في الشوارع وتعيش على ما يجود به الناس، وفي الأخير تمنح جزءا كبيرا من المال الذي تجنيه من الغناء إلى من يشغلها ويحميها أثناء تسكعها في الأزقة والطرقات.. إلى أن شاهدها لويس لوبلي (الذي أدى دوره الممثل الكبير جيرارد ديبارديو) وهي تغني بسحر ملفت للانتباه، فوظفها في النادي الذي يديره.


كانت الصدفة وحدها وراء عثور لويس لوبلي على بياف الصغيرة، إذ شكل ذلك منعطفا تاريخيا في حياة الأسطورة الفرنسية التي سترتقي سلم المجد الكوني للغناء من خلال تقدير موهبتها.. كانت ترى فيه منقذها وتناديه “أبي لوبلي”، لكن القدر سيطاردها مرة أخرى حيث وُجد لوبلي يوما مقتولا من طرف عصابة فندق الدعارة.. ومع ذلك ستواصل بياف بجنون تألقها وعبثها الوجودي وعشقها بلا حدود. قبل أن تجد مجنونها الملاكم المغربي ميشال ساردان.

يحاول سيناريو “لاموم” وصف حياة فنانة غير عادية، وقد أعطت الممثلة ماريون كوتلير الحياة إلى بياف، جسدتها بعمق، إنها بياف ذاتها من خلال التشابه الجسدي الغريب حد التماهي، مما جعل أداءها ذا مصداقية فنية كبيرة. فهي ببساطة: سامية، قوية، هشة، عجوز، متحمسة، مريضة، يائسة، مهزومة، مخدرة.. لذلك استحقت الممثلة الفرنسية ماريون كوتلير التتويج بجائزة أوسكار أفضل ممثلة في دور رئيس بتجسيدها شخصية الفنانة الفرنسية إديث بياف، وهو ما شكل انقلابا في مسارها السينمائي كما عبرت عن ذلك في لحظة التتويج مخاطبة مخرج “لاموم” أوليفيه دهان: “لقد قلبت حياتي رأساً على عقب”.

فيما تؤثث باقي الشخصيات الفيلم وتنير جوانب من سيرة بياف من ممثلين بارزين: مثل إيمانويل سينر في دور تيتين، عاهرة وأم بديلة لبياف عندما كانت طفلة، فيما يتمتع كل من مارك باربي في دور ريموند أسو وجان بيير مارتينز في دور الملاكم ميشال سيردان عشيق بياف بشخصية كاريزمية رائعة، كل على طريقته الخاصة.

ننسى عبر هذا الفيلم بؤس المغنية الفاتنة، نتخلص من العيوب الثقيلة التي صاحبت طفولتها وهي تغني رفقة أبيها بصوت كان يسحر الجمهور في الطرقات ولشوارع العامة، تجرفنا المشاعر العميقة في الفيلم عبر “ترنيمة الحب” للاموم و”أحرقت ذكريات الماضي” و”تعالى ميلو”…

عرف المخرج دهان كيف ينقل الأساسيات بدل أن يتيه في كناش الحالة المدنية لبياف: جسد بعمق سيرة بياف: المرأة السيئة الحظ والفنانة العاشقة التي فقدت عشيقها الملاكم ميشال ساردان المغربي في حادث طائرة، عبر صورة أنيقة وواقعية، منحتنا “La Môme” لحظة دفء إنساني عن بياف الأسطورة نستلهم من موسيقاها وصوتها عبرا من الحياة، ليس عليك أن تحب بياف أو موسيقاها لتتأثر بالفيلم أو بالمغنية، إديث بياف ذات الحياة المرعبة، ولكن لها أيضا نصيبها من السعادة.

لن نشعر بالأسف بعد مشاهدة الفيلم. فالفنانون لديهم حياة جريئة للغاية. وسنعرف كيف نحبها في فيلم “الحياة الوردية”.. تلك إحدى أسرار نجاح الفيلم الفرنسي، إن الصورة هنا تنطق بوجود غني عن مسارات تحول شخصية خارقة، تنجح الكاميرا في تتبع تلاوين هذا التحول حيث يتداخل الإنساني والفني، الصورة والظلال واللغة التي احبك بها السيناريو، حيث تغدو إديث بياف في الفيلم أكثر ابتهاجا، في حياة قاسية جدا، تدخل الصورة عمق الشخصية وتنجح الشخصيات في تقمص أدوارها بافتتان نادر.

ترقبوا الحلقة القادمة من فيلم أعجبني و “ذات مرة في هوليوود” دراما جماعية بطاقم غير عادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى