
شهد القطاع المصرفي في المغرب نمواً ملحوظاً في إجمالي الودائع البنكية، حيث بلغ إجمالي الودائع عند متم يناير 2025 نحو 1.241 مليار درهم، مسجلاً زيادة سنوية بنسبة 7.6%.
وتبرز هذه الزيادة حالةً من الاستقرار المالي الذي يعكس في جزء كبير منه ثقة الأفراد والمقاولات في النظام المصرفي المحلي، على الرغم من التحديات الاقتصادية التي تواجهها المملكة.
و تشير البيانات الصادرة عن بنك المغرب في تقريره الأخير حول القروض والودائع البنكية إلى أن ودائع الأسر قد شهدت ارتفاعاً بنسبة 7.1%، ليصل إجمالي هذه الودائع إلى 917.9 مليار درهم، يعكس هذا الرقم جانباً مهماً من الاقتصاد المغربي، حيث تواصل الأسر حفظ أموالها في البنوك، وهو ما قد يعكس استقراراً نسبياً في مستوى الاستهلاك وحالة من الحذر المالي.
و من جهة أخرى، بلغ حجم ودائع المغاربة المقيمين بالخارج نحو 208.9 مليار درهم، مما يعكس الأهمية المستمرة لتحويلات المغتربين ودورها الحيوي في دعم الاقتصاد الوطني.
أما بالنسبة للقطاع الخاص غير المالي، فقد سجلت ودائع المقاولات غير المالية الخاصة زيادة ملحوظة، حيث ارتفعت بنسبة 12.7% لتصل إلى 225.6 مليار درهم، هذه الزيادة تعكس تنامي الثقة في الاستثمارات المحلية وقدرة الشركات على الاستفادة من الظروف الاقتصادية الراهنة، رغم الضغوطات التي قد تكون فرضتها التحديات العالمية.
على الرغم من هذه الزيادة في حجم الودائع، يلاحظ أن معدلات الفائدة على الودائع لأجل قد شهدت بعض التراجعات، فقد سجلت معدلات الفائدة على الودائع لأجل 6 أشهر انخفاضاً بمقدار 10 نقاط أساس، بينما سجلت معدلات الفائدة على الودائع لأجل 12 شهراً انخفاضاً بنحو 33 نقطة أساس، وتراجعت هذه المعدلات لتصل إلى 2.23% بالنسبة للودائع لأجل 6 أشهر و2.67% للودائع لأجل 12 شهراً.
هذه التراجعات في معدلات الفائدة تدل على توجه البنوك نحو تقليص العوائد على الودائع طويلة الأجل في محاولة لموازنة الضغوط على هوامش ربحها في بيئة اقتصادية قد تشهد تحولات في السياسات النقدية.
كما أن هذه التراجعات قد تؤثر على سلوك المدخرين الذين قد يبحثون عن خيارات بديلة لتحسين العوائد على مدخراتهم.
من جانب آخر، حدد بنك المغرب الحد الأدنى لمعدل الفائدة على حسابات الادخار عند 2.21% للنصف الأول من سنة 2025، وهو ما يمثل انخفاضاً بنحو 27 نقطة أساس مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، هذا الانخفاض قد يؤثر على رغبة الأفراد في الادخار، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تشهد تذبذباً في الأسواق العالمية.
إن تحليل هذه المعطيات يكشف عن صورة متعددة الأبعاد حول واقع النظام المالي في المغرب، فبينما يعكس ارتفاع الودائع استمرار الثقة في النظام المصرفي، تبقى معدلات الفائدة على الودائع في تراجع مستمر، مما يفتح المجال لتساؤلات حول تأثير ذلك على المدى الطويل على ثقافة الادخار في البلاد.