رأي/ كرونيك

تفاعلا مع ما نشر حول توقيف المعطي منجب…محاولة لتطوير النقاش الحقوقي بالمغرب

اطلعت على البيانات الصادرة عن بعض الجمعيات والمتضامنة مع الأستاذ المعطي منجب، وأيضا اطلعت على البلاغ الصادر عن النيابة العامة في ردها على هذا البلاغ، وأيضا “المصدر الأمني” أو “المصدر القضائي” الذي صرح لبعض المواقع الصحفية يحاجج بيان الجمعيات.

كنت ولا وزلت، وأكد عليها وللمرة الألف، أن مجال حقوق الإنسان مستقل تماما عن مجال القانون، قد يتقاطعان في بعض الحيثيات وفي رصد بعض الخروقات، ولكن كل مجال مستقل عن الآخر برجالاته ومفاهيمه ومقارباته وفضاءه.

ففضاء القانون هو ردهات المحاكم، وفضاء الحقوق والحريات هو الفضاء العمومي...

رجالات القانون هم النيابة العامة وقاضي التحقيق والقاضي الجالس والمحامي، أما رجالات الحقوق والحريات هم كل من يؤمن بحقوق الانسان في كونيتها ومن أصحاب المصلحة…
مفاهيم القانون تختلف عن مفاهيم الحقوق والحريات، فالاختطاف والاعتقال التحكمي والاعتقال التعسفي والاعتقال الانتقامي، تختلف بين الحقلين …

ومقاربة القانوني، هي مقاربة مسطرية وقانونية جافة، أما الحقوقي فمقاربته أوسع من ذلك، هي المعايير الدولية والاسترشادات البروتوكولية والاتفاقيات الاممية واجتهادات اللجن والإجراءات الخاصة المعنية والتعليقات العامة والممارسات الجيدة و و و و و …

لهذا، سبق وأن حذرت أن نضع حقوق الإنسان بين يدي “القانوني” لوحده، لأنه مسطري، وحذرت بوضعها بين يدي “الأكاديمي” لوحده، لأنه نظري، وحذرت بوضعها بين يدي “المناضل” لوحده، لأنه ممارس ومنهك في التفاصيل اليومية، بل يجب أن تكون حقوق الإنسان هي التلاقي بين: الحرفي الحقوقي بالدرجة الأولى والقانوني والأكاديمي والمناضل…

من هو الحرفي الحقوقي؟ هو ذلك الشخص القادر على بناء وتنفيذ سياسة مدنية في مجال حقوقية موازاة مع الدفاع عن حقوق الإنسان، فالسياسة الحقوقية تختلف تماما عن الدفاع عن حقوق الانسان، وكلاهما عماد حقوق الإنسان، هو ذلك الشخص الذي يضع استراتيجية مدنية في مجال حقوق الانسان للمدى القريب والمتوسط على الاقل، هو ذلك الشخص المنشغل يوميا بحقوق الانسان ويجعلها نمط معيش يومي …

هو ذلك “البروفيل” الذي نحتاجه في المغرب وتحتاجه الحركة الحقوقية المغربية …

لماذا لا نتوفر عليه؟ ربما يعود الأمر إلى “تزاحم” الأجيال ورفض التجديد، ربما لعدم القدرة على “صناعة” الخلف، ربما لان التمويلات حلت محل “القيم”، ربما للاختراقات وتأسيس هيئات وجمعيات موالية لجهات ما رسمية أو حكومية أو حزبية، ربما للعجز الفكري وعدم الاجتهاد و “الحشومية” من التكوين، ربما للإشكاليات النفسية والحسابات الشخصية الضيقة، ربما لان “المصلحة” من الجهتين (الرسمية وغير الرسمية) تقتضي استمرار الوضع على ما هو عليه….

ختاما:
من يخندق حقوق الإنسان في الدائرة الضيقة للمساطر القانونية، فإنه يساهم في استمرار الانتهاك الحقوقي على حساب البحث عن تفاصيل الخروقات القانونية.
….
بس:
لا أقدم نفسي لا حرفيا ولا أكاديميا ولا قانونيا ولا مناضلا … أنا مجرد “إليكترون” حر في مجال حقوق الانسان …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى