الروائي أخازي يكتب: صناعة الهزيمة.. أريد أن يخسر البيجيدي لكن في صراع سياسي عادل بلا صناعة لها
حين لمحت وزير التربية الوطنية يلوح بإشارة النصر بزاكورة لرجال ونساء التعليم وهيئة الإدراة بمختلف أطيفاهم،في البداية سقط في يدي، استغربت من حركته هذا الاستفزازية… و جال في خاطري بخيبة وحسرة أن سعيد أمزازي بفعلته هذه يصب الزيت على النار، ويستفز حشود المحتجين والمحتجات حوله، أولت حركته تلك بالنكاية والسخرية، لكني توقفت لحظة، وتأملت… وقلبت الأوراق… وأنعشت سيناريو الحوار القطاعي، ومآلاته، وتذكرت خرجات الوزير الإعلامية و أجوبته البرلمانية، حين كان يتحدث عن الحسم في عدة ملفات بثقة مقدما أفقا زمنيا… واستحضرت مسار الرجل المهني والأكاديميي… فقلت… سي سعيد ما شي دري..؟
فهل كان أمزازي يكذب؟ هل كان يريد ربح الوقت…؟
ثم افترضت أن الرجل هو نفسه ضحية المكائد السياسية، و أن هناك من يريد صناعة الهزيمة اللبيجيدي بتطويقه بالخيبات الانكسارات . الحقيقة أن إشارة النصر التي أشار بها أمزازي لم تكن نكاية بالحشود ولا هزءا بنضالهم، فلا يمكن أن يفعل هذا بنية الاستفزاز والسخرية إلا أحمق، فما بالك بوزير يعرف أن توسع الحركة الاحتجاجية في قطاع التعليم تسيء إليه والسلطة التنفيذية في رمقها الأخير…
إشارة أمزازي معناه… أنا واحد منكم… ولست جبهة الصراع ولا الاحتجاج.. ربما الخصم هو صاحب مقولة الثلاجة الشهيرة… التي تهكم أكثر من مرة على رجال ونساء التعليم تحت قبة البرلمان… ولأن البرلمانيين يعرفون من الرجل… يتفادوا خوض أي صراع لا تحمد عاقبته… وملفات الفساد في حالة تربص..
كأني بسي سعيد يردد أنا لا سلطة لي… كذبوا علي… ورطوني… وتركوني أواجه مصيري… أنا وقود حرب لست طرفا فيها..
أنا لست في موقع يسمح لي بالصراع مع مهند الحكومة وزير المالية … الرجل القوي … الجديد…
فهو أكثر من وزير… هو وزير الثلاجة… تعرفون كيف أتى… وكل صراع معه هو صراع متعدد الأطراف… خفي الضربات… عميق الأثر… الله ينهي سربيسي على خير…
مهند تلمالية..هو من استطاع أن يقول… إن وزارة المالية ليست ثلاجة المراسيم… ولم تكن لي القدرة للرد عليه…. والمراسيم قد جعلها قديدا حتى فاحت رائحة النتونة..
مثله مثل وزير الداخليه… حين ردد تحت قبة البرلمان…” براكا ما تبكاو..” وصمت الجميع… لأن لفتيت أكبر من منصبه … هو امتداد لسلطة خفية تربك كل الحسابات…هو أكثر من وزير…
ولفتيت هو نفسه مثل وزير الخارجية الحكيم الهادئ الذي وجه أوامر لرئيسه رئيس الحكومة كتابيا، وإن كانت الشؤون الخارجية دستوريا من اختصاص الملك، فهذا لا يعطي الحق لوزير أن يوجه أمرا تتفيذيا لرئيس الحكومة….
ربما الاعتصام يجب أن يكون أمام وزارة الثلاجة…
ها نحن على مقربة من الانتخابات، والسلطة التنفيذية ضمن وظائفها الدستورية يتم افتراسها افتراسا… هل صدق بنكيران..؟.حين تحدث عن التماسيح والعفاريت؟ هل كان يعي ما يقول في خرجته الأخيرة حين أشار إلى تحول الحكومة إلى واجهة لتصريف قرارات اللاعبين الكبار في الظل…؟
ها نحن على أبواب الانتخابات… والعبث يسم المرحلة الحاسمة…
يتم افتراس اختصاصات الحكومة، أمام أعين رئيسها المنهك بالضربات المباشرة وغير المباشرة… قد يخسر المسكين حزبه… فقد نودي على بنكيران لبدء التسخينات…. والعثماني..على الأقل يريد أن يخرج بأقل الخسائر… فلا يخسر اللاعبين الكبار المؤثرين في القرار السياسي والحزب معا..
يريد فقط… لو لفظه الحزب… أن تكون له أسطورته وخرافته… وحظوته و شرطيان يحرسان بابه، وسيارة دولة هدية… ومعاش يغير به غرفة النوم…
الديمقراطية تم ذبحها على الملأ… فلا وزراء قادرون على اتخاذ القرار… ولا رئيس حكومة قادر على الدفاع عن اختصاصاته… والسماء السياسية بدأت تمطر الاحتجاجات والعنف و الاستقالات..
فحين يستقيل الازمي… البيليكي… لا تصدقوه… فقد تم توجيه لإضعاف العثماني… لا يهم أن يخسر حزبه…. الأهم أن يظل في دائرة غير المتعاونين… والرجل معروف بتعاونه في سبيل الله…
ماذا يقع إذن…؟
هل يريدون البيجيدي أن يرحل؟ أنا نفسي أريده أن يخسر في الانتخابات القادمة… لكن في معركة عادلة… لا في تنافس يصطف فيه الاعداء والخصوم و الأشباح والعفاريت ليدبروا مكيدة السقوط..
فمن العبث الحضاري والديمقراطي… القبول بالقاسم المشترك على أساس المسجلين… هذا جبن سياسي… والله ينعل لي ما يحشم..
من العبث… توتير المجتمع في هذه الظرفية… وإفراغ الحكومة من كل أداء تنفيذي ومحاصرتها بحركات احتجاجية لملفات مختلفة… واستعمال العنف المفرط… ليتحمل البيجيدي وزر ما يقع أمام المجتمع… فيخسر آلاف الأصوات ويحصد مزيدا من الغاضبين…
هذا جبن سياسي….
أريد أن يخسر البيجيدي لكن في صراع سياسي عادل بلا صناعة للهزيمة…
للأسف لا جدوى من الانتخابات…