ميديا وإعلام

أب المعتقل الصحافي عمر الراضي والرسالة 25 بعد المئتين من الاعتقال التعسفي

هي الرسالة 25 الذي دأب والد الصحافي عمر الراضي على كتابتها لابنه المعتقل، عمر الراضي، مشاعر وأحاسيس تسجل لمعاناة أب اعتقل ابنه، ويحاكم معتقلا رغم توفره على كل الضمانات أن يتابع في حالة سراح، هي الرسالة 25 التي تسجل معاناة أب يقدر ابنه عاشق للحرية والهواء الطلق، وهو اليوم خلف القضبان…
زإليكم الرسالة كاملة:

رسالتي إلى ولدي عمر لليوم الخامس والعشرين بعد المئتين من الاعتقال التعسفي.
سلامة روحك أيها الغالي.
لماذا سرت على دربِنا وخيْبتِنا وصرت ضحيتَنا؟
تُصر على نفس المسار، لأن المشوار لم يكتمل ولم تتحقق الأمنيات التي سالت من أجلها دماء وفيرة ودُرفت دموع غامرة.
أوصيكِ أيتها الحيطان بولدي، فهو في حضنك المظلم.
يؤلمني هذا الظلام الذي يلفك ياولدي جسداً وروحاً، وأنت كنت كالنجم السيار خلف آثار الشيطان تتابع خطاياه وتفضحها للعوام.
فأنت ياولدي عاشق لأوكسيجن الهواء الطلق.
أوصيكِ أيتها الجدران برحمة ولدي الغالي .
تباعدي ودعي عنه ضيقك ودعيه يتطلع إلى السماء وإلى النجوم ليلاً.
كيف يشعر إنسان بوجوده الطبيعي دون أن تنير ليله نجوم السماء؟
و لدي الغالي لم ير النجوم منذ أن خطفته شياطين الرجم ووضعته في سراديب جهنم.
وهو الحالم والفنان والمغامر.
لا يهاب الأماكن مهما كان خطرها، ينطلق فيقْطُر المسارات المرعِبة والمحروسة من طرف المفترسين، ليعريها ويضعها أمام أعين المواطنين ليعرفوا مصير رزقهم ومن يمنعه عنهم ليصيروا جوعى.
نحن ياولدي عندما حلَلْت بيننا حلَّت السعادة في بيتنا، وأنت تجدف في بحر الحياة كان ذكاؤك وفضولك المعرفي يُبهرنا.
لم نكن نفهم أن حبك للكتاب والقراءة في وقت مبكر سيؤدي بك إلى هذا الشقاء الذي نعتز ونشقى به، والذي نضعه تاجاً على رأسك قبل رأسينا.
هذا الفضول الذي جعلك في قلب الصراع من أجل حياة أفضل لجميع المواطنين، رغم أننا كنا نوفر لك كل حاجياتك. إلا أنك كنت تتأثر بحاجيات البؤساء والفقراء وقررت أن تكون بجانبهم وفي مواجهة المفترسين مهما كانت قوتهم وجبروتهم.
وأنت في الأسر بسبب المفترسين، صرت أقوى وصار إسمك وإسم أمثالك عنواناً لمعركة مصيرية.
صار تغييبك أكثر حضوراً، وصرت من بين نجوم السماء التي تُنير فضاءنا وتمنحنا رؤية المستقبل القريب، مستقبل الحرية والانعتاق من رقاب شياطين الاستبداد وورثة الجمر والرصاص.
تغييبك ياولدي له رمزية التضحية ونكران الذات، وهو ما يمدنا بالصبر وتحمل غيابك عنا وعن أصدقاءك.
كل الأماكن ياولدي، التي عبرتها ، وهي كثيرة عبر الوطن بحثاً عن فساد وكساد وتجبر، تشتاق إليك، وتشتاق إليك آلاتك الموسيقية المضربة عن العزف حزناً على تغييبك.
ما يحدث في الوطن لم يتغير ولا يبدو أنه سيتغير.
فشياطين العهد الجديد سائرون ومصممون على حجب نجوم وشمس الحرية، وعلى تجريد المواطنين من وطنيتهم ودفعهم إلى الحاجة والإملاق.
نحن جربنا أكثر من هؤلاء بطشاً ولنا تجربة قوية في مواجهة المفترسين والمتربصين بمصير شعبنا.
وما هيأة الإنصاف والمصالحة إلا دليل على اعترافهم بجرائمهم.
لكن ورثتهم اعتبروها استراحة محارب لاسترداد النفَس من أجل العودة إلى نفس النهج السلطوي.
من يعتقد أنه بهذه المقاربة سيعيد هيبته عن طريق تركيع الشعب فهو واهم.
لنا لقاء قريب أيها الغائب/ الحاضر بيننا .
أنت لست في السجن، بل في قلوبنا وقلوب الاحرار.
نم هنيئاًياولدي وسلامي لسليمان والحرية لجميع المعتقلين وكل التضامن مع الأستاذ المعطي في محنته مع الإضراب.
وكل التضامن مع الحر لبداحي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى