رأي/ كرونيكفي الواجهة

بيان وزارة التربية بشان حالة الأستاذ سعيد ناشيد مكتوب بحبر مستخرج من سم أفاعي

البيان الذي يتحمل أمزازي، الوزير غير الإسلامي، مسؤوليته تمت صياغته بلغة إدارية قروسطية مشحونة بالحسد وبالحقد الإداري على كل إنسان حر وعصامي ينفلت من الضبط المحبط، بحيث لم يكتف البيان بتقديم وتعليل قرار العزل، بل مضى الى حد القدف و السعي الى تشويه سمعة مفكر مغربي اكتسب الاحترام والتقدير داخل البلاد وخارجها بفضل بحثه واجتهاده في ميادين الفلسفة والفكر، وإظهاره بمظهر المعلم غير المتمكن وحتى غير الملم بالف باء التربية و الانسان غير المسؤول والمتهور …وماالى ذلك مما يصلح لملء محاضر البوليس بالاتهامات و”تغراق الشقف” ولا يصلح لصياغة بيان ادارة مسؤولة عن تدبير قطاع التربية والتعليم، المفروض أن تكون قد استوعبت أهمية التربية على الحرية وحقوق الإنسان بعد العدالة الانتقالية و طي صفحة سنوات الرصاص السابقة، التي نخشى اليوم أن يوجد هناك من يرغب في احيائها وإرجاع البلاد القهقرى وفاء لإرث الآباء الذين تورطوا في كل ماهو سئ، وأساؤوا لمواطنينا وعرضوهم للتعديب الجسدي والنفسي، وكل أشكال المعاناة التي لم توثق بعد بشكل كامل، وبالأخص فيما يتعلق بشقها المتعلق بتصرف الإدارات، ومن بينها إدارة التعليم التي كان بها مكلفون بالتدمير ونشر الظلام.

ومن المثير أن بيان امزازي بمحاولته الإساءة للاأستاذ سعيد ناشيد بطريقة خبيثة و بتصرف غير إداري وغير أخلاقي، ومناقض للضوابط القانونية المتعلقة باستعمال المعطيات الشخصية، إنما فضح بشكل سافر تكالبا ونزعة انتقامية تورط وزير التربية عبر شهادته الواردة في بيانه وتورط رئيس الحكومة الذي وضع توقيعه ببلاهة سياسية، على افتراض أن توقيعه لم يحركه حقد ابن تيمية على باروخ اسبينوزا، على قرار انتقامي في حق أحد مثقفي البلاد المحترمين داخليا وخارجيا.

ذلك أن البيان بتاكيده أن الغدارة قامت بإعادة الـأستاذ ناشيد الى وضعيته السابقة كمعلم في الوسط القروي بعدما تم تكليفه بتدريس مادة الفلسفة، التي يعتبر من المتخصيين والمؤلفين فيها كما تشهد على ذلك كتبه ومقالاته ومداخلاته، يفضح عملا انتقاميا رديئا حركته أياد أثمة تسعى لإلحاق الأدى بكل من يفكر ويجتهد خارج المنظومتين المخزنية والاسلامية و لا يمكن إخضاعه للرداءة الإدارية المحمية بنزعة التسلط.

من يعتبر أن هكذا تصرف مع الأستاذ ناشيد عاد بالمعايير الإدارية لايمكن أن  يكون إلا مخبرا في إدارته أو خارجها، أو متملقا أو تابعا للذباب الإلكتروني للإسلاميين المعروف أنه  تعبأ دائما للتبليغ عنه بهدف حرمانه من التدوين أو إعادة نشر مقالاته في هذا الفضاء الأزرق.

ذلك أن نقله من موقع إلى موقع هكذا وكأنه كركوز غرضه إلحاق ضرر بليغ به وإرباكه ودفعه إلى ردود الفعل من أجل  استغلالها ضده وإيصاله إلى وضع التسول كما لم يفت بعض الحاقدين ان يعترفوا بذلك.

البيان يفضح أيضا ممارسة رديئة باتت الإدارات المغربية تلجأ إليها عبر استعمال بعض البيادق، ممن وصلوا إلى الدرك الأسفل من الحقارة، للتجسس على التدوينات في مواقع التواصل الاجتماعي بغرض الإيقاع بكل من تسول له نفسه في بلاد المخزن أن يفكر بشكل حر ويعبر بشكل حر ويتجاوز هذا الوباء الفكري الراسخ ببلادنا الذي يجعلنا ندور في حلقة مفرغة ونخطئ المواعيد مع التاريخ و نخطو دائما خطوات إلى الوراء بعد كل خطوة إلى  الأمام.

وهذا ما لا يليق بالدولة المغربية في حالها الحالي، ماقبل الديمقراطي، و لا يتناسب والتزاماتها الدولية التي لاءمت دستورها مع البعض منها، و يسئ إلى سمعتها لأنها ستعتبر دولة تبث جواسيسها في كل ركن و تتجسس على مواطنيها في كل وقت وحين وفي كل موقع وتقتحم خصوصياتهم بدون استئدان، وهذا ما كان يسم الدول الشمولية التي ارتكبت الفضاعات في حق شعوبها وفي حق الإنسانية.

و ذلك فضلا عن أن  البيان يخلط بين الخاص والعام ويؤكد أن هناك تصرفا في المعلومات الشخصية التي لا تهم الإدارة لامن قريب أو من بعيد، وأكاد أجزم بأن  ما أشار إليه البيان هو مشاركة الأستاذ ناشيد في أنشطة الاشتراكي الموحد بالدرجة الأولى، ولو شارك مع أخنوش و ضيعته الحزبية لما تجرأت الإدارة على الاقتراب منه و لتلقى من الوزير تهنئة ولو شارك مع الزاوية أو حزب العدالة والتنمية لرفض رئيس الحكومة التوقيع على قرار العزل ولاعتبر القرار مؤامرة من وزير التربية ضد الإسلام

البيان يفضح أيضا، وبغباء ليس عليه من مزيد، أن في الوزارة، على الصعيد المركزي، من هم أكثر حقدا على الأستاذ سعيد ناشيد من المسؤولين الجهويين، بحيث لم يرضهم قرار المجلس التاأديبي الذي اتخذ بالتوقيف لمدة ثلاثة اشهر، فقرروا، و الوزير مسؤول شخصيا في هذه الحالة، اتخاذ العقوبة الأقصى بفصل الأستاذ عن العمل و تعريضه، في تصورهم، للتشرد و الضياع كي لا يفكر ولا يكتب ولا يبحث بعد ذلك، ويكون بذلك عبرة لكل من لا يخضع لهم و لا يشبههم ولا ينشغل مثلهم بتصريف الأحقاد وممارسة الانتقام وتحويل عمل الإدارة الى مجموعة من الشكليات الفارغة والمغرقة في التخلف.

وأكاد، كغيري، أشتم رائحة إسلاموية في القرار، وأيضا في تقرير المفتش الذي تحدث عنه البيان، مع العلم أن من معضلات التعليم ببلادنا خلال العقود الاخيرة توسع استقطاب الإسلاميين وسط مفتشي القطاع و توجه عدد منهم إلى ممارسة مختلف الضغوط على المعلمين والأساتذة الذين لايتبعون لهم في مقابل التغاضي على الموالين لهم والمتملقين لهم ولو انشغلوا عن مهامهم بالدروس الخصوصية التي باتت تشمل التربية الاسلامية.

و مما يستغرب له في البيان أن مدبجيه يربطون المرض بالاستلقاء الدائم على الفراش في انتظار الموت، وكأن المريض، وكيفما كان نوع مرضه، مطالب بأن لا يفكر ولا يكتب ولا يشارك في أي نشاط تسمح به حالته الصحية، وهذا غباء أيضا، إذ أؤكد لهم أنني مريض مند سنة وتكاد الأوجاع لا تفارقني، لكن ذلك لايمنعني من أن اقرأ وأكتب وأدون وأحضر أنشطة عندما تسمح بذلك حالتي، أو تهدا أوجاعي.

و البين أنهم أكدوا، بلا وعي، أنهم كانوا يتربصون بالأستاذ ناشيد ويستغلون مرضه للإيقاع به، بما في ذلك باستعمال الجواسيس الذين يتتبعون حركاته وسكناته وبتحريض زملائه وحتى أولياء التلاميذ.

نحن أمام فضيحة وليس أمام بيان يليق بوزارة في دولة متحضرة يترفع مسؤولوها عن السفاسف والصغائر. ووزير التربية ورئيس الحكومة يسقطون بالقرار المتخذ إلى أسفل سافلين.

أما فيما يتعلق بحديث البيان عن كون الأستاذ ناشيد دون المستوى ويجب أن يبدل مجهودا لرفع مستواه، فإن أي متتبع للحياة الثقافية والفكرية والبحثية في بلادنا سيعتبره نكثة من النكث “البايخة” التي لا تضحك أحدا، لأن إنتاج الأستاذ ناشيد أكسبه مكانة مرموقة وجعله اسما محترما ورائجا خارج حدود البلاد و جالبا للاحترام والتقدير للمغرب.

ولعل هذا أيضا ما جعله مستهدفا، والبيان يلح على مغادرته التراب الوطني وبشكل يبين أن مشاركة الرجل، المعلم، في فعاليات في العالم العربي واسيا وغيرها تثير الحسد والحنق.

عندما يستهدف مثقف مغربي أتذكر الرئيس شارل دوغول لدى دفاعه عن سارتر، المعارض له بشكل جدري، و أعود إلى واقعنا الذي يضعف فيه منسوب الحضارة والتصرفات الحضارية رغم كل المظاهر الخادعة.

التصرف مع الأستاذ ناشيد يجعلني أخاف على مستقبل بلادي وأجيالها الصاعدة والقادمة، فالمخزن لم يمت بعد وتحرص الإدارة المغربية على استمراره بشكله العتيق و غير المتناسب مع النظام الديمقراطي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى