رأي/ كرونيك

أسباب انتشار ظاهرة العنف داخل المستشفيات

أضحت ظاهرة العنف داخل المستشفيات ظاهرة مزمنة، ازدادت دورية حدوتها، وأصبحت شبه يومية، فبالرغم من البيانات والبلاغات التنديدية والاحتجاجات الميدانية مايزال الوضع كارثيا ومقلقا.

إن التصريح المادي لوزارة الصحة بالتزامها على مؤازرة العاملين والاطر الصحية ضحايا العنف والعمل على متابعة المسؤولين المتسبيبين فيه، باصدارها لدورية وزارية تؤطر عملية الحماية والتضامن والمؤزارة بعد تنامي ظاهرة العنف بشتى انواعه حيث لوحظ، بل وتم تسجيل الاعتدءات المعنوية واللفظية والجسدية على الاطر الصحية بمختلف الجهات والاقاليم، ومن بين الاسباب التي تساهم بحدة في الاعتدءات خاصة في بعض النقط السوداء التي تتكرر فيها الاعتدءات بشكل ملفت للنظر، مثال المركز الاستشفاىي الجامعي أبن سينا بالعاصمة، نجد في مقدمتها عدم احترام مقتضيات دستور المملكة خاصة الفصل 31 الذي ينص على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب أستفاذة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في العلاج والعناية الصحية.

إن غياب المساواة والمناصفة غالبا ما يكونان سببا حقيقيا وراء اثارة حفيظة المرضى والمرتفقين لهم الذين يعانون من علل جسدية ونفسية وأجتماعية،خاصة بعد انتقاءهم حسب تغطيتهم الصحية و القرابة في بيئة تعمها مظاهر الزبونية والمحسوبية، ناهيك عن تعقد مسلك العلاجات الصحية بالنسبة لفئة حاملي التغطية الصحية الراميد،كما أن ضعف أو غياب نقط الاستقبال والتوجيه، والمواعيد طويلة الامد، والاعطاب المتكررة في الالات البيوطبية وآلات التشخيص بالأشعة والسكانير والفحص بالصدى والمصاعد وغياب بعض الكواشف المخبرية وانشغال بعض الاطر الصحية بالقطاع الخاص حيث تحدد اولويتها، تبقى كلها عوامل مساهمة بشكل قوي في اصطدام المواطنين المرضى مع الأطر الصحية، طبية وتمريضية أو إدارية كانت، خاصة منهم المتواجدون في الصفوف الأمامية أو البوابات الحارقة كمصالح المستعجلات والانعاش، هذا لا ينفي أن هناك سلوكيات مرتبطة بالمواطن وبيئته ونشأته، فنسبة الأمية حسب الأرقام الحديثة لمندوبية التخطيط تصل إلى 30 المئة فهي نسبة جد مرتفعة تشكل خطرا محدقا وتعتبر احدى الحواجز التي تحول دون النهوض والتقدم بالمستوى التربوي والاخلاقي اللذان يعتبران خاصيات يساهمان في تسهيل التواصل الفعال والانصات الجيد، بهما يمكن تجاوز بعض الخلافات المجانية.

إن نشوب العنف رغم توفر وتواجد رجال الامن الخاص الذين تقوم شركة للمناولة بتدبيرهم بعد فوزها بالصفقة بقيمة مالية مكلفة، يترجم جليا عدم احترام دفتر التحملات وعدم فاعلية هذه العملية التي توظف مستخدمين يعملون 12ساعة في اليوم ستة ايام في الاسبوع باجرة جد هزيلة لا تتجاوز 1800 درهم في أحسن الأحوال، فضلا عن قيامهم بمهام ليس من اختصاصهم لم يشر لها بدفتر التحملات.

في ظل كل هذه الاختلالات يستحيل كبح ظاهرة العنف بالمؤسسات الصحية، خاصة منها التي تفتقد الى القيادة الجيدة والتي يستشري فيها الفساد.

إن محاربة ظاهرة العنف تستدعي تنزيل دستور المملكة على أرض الواقع، وترجمة السياسات والاستراتجيات الصحية لوزارة الصحة، مع خلق منصب وسيط بكل المؤسسات الصحية، يسند إلى إطار تتوفر فيه الشروط والمعايير الأساسية واللازمة، التي تستجيب لعنصر الحياد، وإعادة النظر في طريقة تدبير الأمن الخاص، انطلاقا من مرحلة إبرام الصفقة، مع احترام دفتر التحملات و مرحلة التتبع والتقييم والمحاسبة، وخلق مجموعة من نقط المساعدة و الاستقبال الفعالة، تكون بها مضيفات ذات تكوين وخبرة في مجال الاستقبال، وأنسنته، تكون تابعة للمساعدة الاجتماعية الفئة التي يستوجب الرفع من عددها داخل المؤسسات الاستشفائية وايلائها المكانة والعناية التي تستحقها، مع السهر على احترام أجرة رجل الامن الخاص والمضيفات بعيدا عن مظاهر الاستغلال الفاحش للعنصر البشري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى