رأي/ كرونيك

مينة بوشكيوة: أما أنا فأتضامن مع المفكر ناشيد كرجل فكر ومعرفة وتنوير لكنني أؤاخذ عليه صمته طيلة هذه السنوات

أتضامن مبدئيا مع الأستاذ والمفكر سعيد ناشيد في “محنته” لكنني أقف حائرة، فعلا أمام سر سكوته طيلة هذه السنوات عن مروره بالمجالس التأديبية وعدم سعيه لتغيير إطاره من أستاذ للابتدائي الذي رفض العودة للتدريس به إلى الثانوي عبر التسجيل بسلك الماستر والدكتوراة ولربما ولج الجامعة بذلك واستحق المنصب الذي يلائم معارفه وغنى فكره وأضاف لبنة جامعية تنويرية لهرم الدرس الجامعي بالمغرب الذي عششت فيه الخفافيش وطيور الظلام بدعم من النظام المغربي الحاكم سنوات هيمنة الفكر الوهابي والسلفي على شمال إفريقيا والشرق الاوسط.

ومازاد حيرتي، وأنا أقرأ “رسالة التسول” للمفكر ناشيد، هو إغفاله لذكر سيرورة العقوبات التي تدرج فيها منذ التسعينات، وحشره لمشكل الكراء مع صاحب البيت وذكره للمبلغ بالدولار وليس بالدرهم كعملة مغربية متداولة احد الآن.

لاأشك في نوايا مفكرنا ولاأكذب تظلمه، ولاأراني سوى مطالبة لوضعه في مكانه الاعتباري كمفكر وباحث ومؤلف ومبدع، غير أنني أرفض أن يقارن أحد ما، بين معاناتي مع وزارة التعليم منذ 2014 بالرباط إلى 2018 بزاكورة، سواء بسبب بلاهة وسفه مدير مؤسسة غير منتمٍ إلى أي تيارٍ إسلامي أو اشتراكي أو يميني، بقدر ماكان منتميا لتيار الفساد الإداري والأخلاقي والتربوي، فصدمه ماأنقله عن سوء تسييره لثانوية المتصور الذهبي ليحول الأمر ضدي ويستغل وضعي كامرأة متحررة ومدونة على الفايسبوك ليقلب الكفة لصالح فساده ويقنع السلطة المحلية والمدير الإقليمي الذي كان سابقا مدريا للفلسفة، بتوقيف من تدريس الفلسفة بالثانوي وسد الخصاص وإرجاعه للتدريس بالابتدائي وهو شيء طبيعي مادمت حينها، كنت لاأزال إطارا للابتدائي، لكنني لم أسكت، وأقمت الدنيا ولم أقعدها، وتمسكت بحقي في الإنصاف والعدل، وأقنعت جمعية آباء وأولياء تلاميذ قسم السادس ابتدائي ومدير المدرسة بلقاء المدير الإقليمي ومراسلة الصحافة والجمعيات الداعمة، بأن يعملوا على إيقاف هذه المهزلة وتجنيب أطفالهم مغبة تحويلهم لضحايا انتقام وتصفية حسابات معي والمطالبة بإرجاع أستاذ ذاك القسم الذي تم إبعاده بذريعة آخر من التحق.

كان همي من وراء ذلك، هو مراعاة مصلحة أولئك التلاميذ الأبرياء الذين زُفَّ بهم في هذه المهزلة، علما أنيي حينها، كنت غير مؤهلة تماما لتدريس العربية والفرنسية والرياضيات لقسم إشهادي، أنا العائدة من عشر سنوات من التدريس بالتعليم الفرنسي وست سنوات من تدريس الفلسفة وأن مدرس القسم موجود منذ بداية السنة…

لن أطيل في شرح الأسباب التي تظهر الاختلاف، لكنني لاأنكر أبدًا وجود أيادٍ آثمة من التيار الظلامي وسط وزارة التعليم تغطس في الماء العفن والراكد في بعض الجهات والمصالح رغم وجود إرادات فاعلة وإيجابية تحتكم للحق والقانون ومصلحة الأساتذة.

لن أنسى موقف محمد يتيم، الكاتب العام للوزارة آنذاك، وضغطه وابتزازه لوزير التعليم رشيد بلمختارمن أجل تعيين مجلس تأديبي بمحاسبتي واتخاذ عقوبة صارمة في حقي ، اولا أن المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم في شخص الأستاذ القدير علال بلعربي قد نبه الوزير من مغبة ذلك، وكذا الضجة الإعلامية التي رافقت هذه القضية حينها…

وحين اخترت طواعية الانتقال لزاكورة بعدما تم إرجاعي للثانوي وتغيير إطاري كوني أحمل شهادة ماستر في علم الاجتماع واجتزت المباراة المشؤومة، التقيت بمديرية زاكورة بخلية خفافيش أخرى انتهت قصتي معها بذريعة غيابي من أجل إنساني لصالح تلميذ أنقذت حياته، بعقوبات لم تنزل على أحد من أسرة التعليم من قبل ولا من بعد، خضت خلالها حربا أخرى لإرجاع أجرتي ولم أسكت أو أتسول مساعدة مادية من أحد وفضحت كل المتآمرين والمسؤولين في الملف، وعند حصولي على أجرتي بفضل مجهودات مدير الموارد البشرية بالوزارة السيد محمد بنزرهوني وتدخل عدد من النقابيين والشخصيات، وكلت الصديق المحامي منير البلغيتي ليرفع دعوى قضائية ضد الوزارة للتعويض عن الأضرار المالية والصحية التي لحقتني على إثر هذا التعسف. والشطط في استعمال السلطة والتجاوز الإداري…

لذا، فأنا أتضامن مع المفكر سعيد ناشيد كرجل فكر ومعرفة وتنوير، لكنني أؤاخذ عليه سكوته وصمته طيلة هذه السنوات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى