رأي/ كرونيك

غزة… لا تخيف غير حاكم يخاف شعبه…

قيل لي” يا رفيقي…!
لا تتحمس بحماس.. لحماس… وصورايخ حماس..
حماس سرطان القضية الفلسطينية…
فهي صنيعة إسرائيل لتفتيت القرار الفلسطيني…
فهي صنيعة أمريكا لابتزاز حركة فتح…
فهي المضاد الموضوعي في منظمة التحرير الفلسطينية للرفاق والليبراليين والراديكاليين…
هي صناعة صهيونية لإضعاف وتشتيت المقاومة..”

بقلم الصحافي والروائي خالد أخازي

 

قيل لي” يا صاحب الدواة واليراعة..
لا تتحمس لحماس… انظر صور القادة…
هم في نعيم… والشعب في جحيم…
لا تنخدع… بالخطاب والنقاب والكوفية…
فأوسلو كتبت على رقعة كوفية…
حماس… أصل الداء…
منبع الخراب والسراب واليباب…
حماس… غابة تستعير جبهة مئذنة…
حماس… أقصى اليمين…
حماس يمين اليمين…
حماس عقل إخواني
فهي انقلابية… ككل حركة إخوانية، عزلت غزة عن المشروع الفلسطيني الوحدوي…”
قيل لي… يا رفيقي…
تمهل… ولا تكن انفعاليا…
إيديولوجيا… انتصارات غزة، هي انتصار للإخوان، ولأسلمة قضية فلسطين…


قلت يا صديقي: غزة… آه… من غزة…!
هي قضية أكبر من العقيدة…
هي حق شعب في أرضه… في مصيره… في جذوره…
هي حق شعب أجلي من أرضه ليحل محله شعوب من جنسيات مختلفة بوهم ديني، وأسطورة تاريخية، فالدول لا تتأسس على الدين… ولا على الأساطير…
أردت أن أتكلم…
قيل لي… لا تكن انفعاليا…
فغزة رهينة بين أيدي الإخوان، وشعبها حطبا لحرب تدار من أجل السلطة لا الحرية…
قيل لي إن حماس شيطان في ثوب الملائكة…
كما هو حزب الله…
وكل حركة سياسية في عباءة الفقيه…


وحين كان أهل حي الشيخ الجراح ينكل بهم، وتروع نساؤهم، وتهتك بيوتهم، ويتم رفس صغارهم وشبابهم…
كنت أبحث عن الرفاق..
عن كلمة منهم تخفف الوجع والألم…
تلك الابتسامات لا علاقة لها بحماس ولا دحلان ولا أوسلو ولا أبي مازن…
كنت أرى الابتسامة في مواجهة الرشاش…
كنت أرى واحات الأمل والفخر في عيون شباب مقابل غابات الحقد والدم في عيون جنود اسرائيليين …
جنود… تشعر بخوفهم..
بارتباكهم…
باضطرابهم الداخلي و عقلهم مشتت…
يعصرهم السؤال الحارق…
ماذا نفعل هنا..؟
متى نعود للبيت من هذا الجحيم..؟
وترد عليهم ابتسامة الأحياء و الأموات…
أنتم على أرض غير أرضكم…
لا تعولوا على الزمن…


فلسطين… أرضنا…
ولن نتعب…
وكل جيل يورث للآخر… القضية… والذكرى طعم زيت الزيتون..
ورائحة الأقصى…
للأقصى عبق يلتصق بالروح إلى الأبد..
فلسطين… أكبر من حماس..
أكبر من أبي مازن..
أكبر من حشرها ظلما في زاوية العقيدة…
فلسطين… قضية احتلال وتدمير وتمييز عرقي..

فلسطين جرح في كبرياء العقل الغربي..
عقل النازية والفاشية
العقل الذي أباد الهنود الحمر…
العقل الذي يدون قطع الرؤوس بأفريقيا كما يخلد صور صيد الفيلة والتماسيح والأسود…
العقل الذي يفتخر بفلسفة نيتشه وهيجل وكارل بوبر وديكارت وكانط …
العقل الذي يفتخر بتمثال الحرية…
العقل الذي سلع السود اختطفهم من ديارهم بإفريقيا…
العقل الذي استمع لموزار وبتهوفن وباخ..
وتمتع بشكسبير وموليير..
هو العقل نفسه الذي هدم العراق وسوريا واليمن وليبيا…
هو العقل نفسه الذي صنع الفيتو والغيتو…
هو العقل نفسه الذي صنع القاعدة وداعش…
هو العقل نفسه الذي صنع إسرائيل…
يبرر قتل الأطفال والنساء وهدم البيوت بالصواريخ…
هو العقل نفسه الذي يصنع المعنى ويروج له…
العقل نفسه الذي احتكر حفريات القيم، ومعنى الإرهاب والوحشية والجريمة الدولية…

يا رفيقي…
القضية ليست قضية حماس ولا فتح ولا حزب الله…
لا يمكن شيطنة المقاومة، وصناعة الوهم…
يا رفيقي…
القضية ليست اصطفاف إيديولوجي..
إن القضية قضية عدل وحق…
الاصطفاف مع الحق…
لا يقاس بلون الرايات ولا الألوية ولا القبعات…
ولا بمدى طول لحية الشهيد…
الحق… تراه في العيون والهزيمة والإرادة… قبل الشعيرة والقبيلة والشعار والخطاب…
دعنا من هذا..؟
غزة صامدة…
يموت الرضيع فيها مبتسما..
تؤسر النساء وهن في القيد يخفن الذبابات…


يا رفيقي…
هذا العقل الذي يجبر الفلسطينيين على الشهادة وهم مبتسمون…
هو العقل الغربي، الذي فيه جرعات من مسيحية وصهيونية…
طفل غزة يخيف…
فلا تخف أنت…
فلسطين… تخيف الطغاة…
لأنها مدرسة في المقاومة والحرية والكرامة..
وغزة تخيف…
تخيف كل حاكم يخاف شعبه….
كل حاكم… يؤرقه ابتسامة الشهداء…
وهذا البهاء والعزاء في عيون النساء…
تبا للجبناء…
مفكرين وشعراء وكتابا…
باعوا غزة من أجل تذكرة سفر وليلة في فندق خمس نجوم…
تبا للقلم الذي باع حبر القضية من أجل كلمة على المنصة…
غزة..
لا تخيف غير حاكم يخاف من شعبه…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى