الرئسيةحول العالمميديا وإعلام

ممداني خطر على الكذبة التي ترويها إسرائيل لنفسها

عن “هآرتس” وترجمة “الأيام الفلسطنية”

كيف تبدو صورة الوضع في إسرائيل؟ تسحق الحكومة سيادة القانون، والمستوطنون المسلحون يحرقون القرى في “المناطق”، والشرطة تحولت إلى ميليشيات تطارد معارضي النظام، والفساد يعمّ في كل مكان.

إعلانٍ انتخابي يتحدث فيه ممداني بالعربية

لكن، إذا حكمنا من خلال متابعة الإعلام، فإن التهديد الأكبر لوجودنا -بل للحضارة الغربية بأسرها – هو زهران ممداني، المرشح الاجتماعي الديمقراطي، الذي فاز برئاسة بلدية نيويورك. مَن كان يصدق أن “محور الشر” الشهير هو في الحقيقة خطوط حافلات مجانية بين بروكلين وكوينز.

ساد الهلع التام، قبل أيام، استوديوهات الأخبار وشبكات التواصل الاجتماعي، بسبب إعلانٍ انتخابي يتحدث فيه ممداني بالعربية (لغة يحيى السنوار!).

لا يهمّ ما إذا كانت المواضيع التي يتناولها في الإعلان هي غلاء المعيشة والقطط اللطيفة.

ممداني: أنا أحب “حماس” بدلاً من “حمص”

أحد البرامج التلفزيونية الساخرة بثّ مشهداً محرجاً صوّر فيه ممداني داعماً لـ”الإرهاب”، يتملق اليهود، ويزلّ لسانه، فيقول أنا أحب “حماس”، بدلاً من “حمص”.

عندما أعلن باراك أوباما، هذا الأسبوع، دعمه لممداني، بدأت جميع برامج الشؤون الجارية في قناة التلفزة 12 تشير إلى الرئيس الأميركي السابق باسم باراك حسين أوباما، مع التشديد على حسين.

يقدَّم ممداني صورة كاريكاتورية لمعادٍ للسامية، لأنه مسلم عبّر عن معارضته الشديدة للاحتلال، ووصف ما يحدث في قطاع غزة بأنه “حرب إبادة جماعية”.

وعد بزيادة الميزانيات المخصصة لمكافحة جرائم الكراهية بنسبة 800%

قبل أسبوعين، صرّح: “سأكون رئيس بلدية لا يكتفي بحماية اليهود من سكان نيويورك، بل يحتفي بهم، ويكرمهم أيضاً”.

ووعد بزيادة الميزانيات المخصصة لمكافحة جرائم الكراهية بنسبة 800%، لكن مَن يهتم؟ ما دام هناك مقطع له من تموز 2023، يدعو فيه إلى وقف تمويل “عنف المستوطنين”.

يا للصدمة! فمحبة إسرائيل تعني، طبعاً، محبة برامج الفتية من تلال المستوطنات التي تدمرها من الداخل. وأكثر من ذلك، يهددوننا بأنه قال أيضاً إنه سيأمر باعتقال بنيامين نتنياهو إذا حطّ في نيويورك، كأن هذا الأمر سيئ؟ إنه حلم الجمهور الإسرائيلي، في أغلبيته.

فمثلما يقولون في “الوسط السياسي”: دعونا نركز على ما يوحّدنا، لا على ما يفرّقنا.

ممداني: نبني حركة حول السياسات، لا حول الأفراد

ستُظهر الأيام ما إذا كان ممداني رئيس بلدية ناجحاً، لكن من المؤكد أنه أدار واحدة من أكثر الحملات الانتخابية إلهاماً، التي شهدتها المدينة منذ زمن طويل.

لقد قال لصحيفة “نيويورك تايمز”، مفسّراً الحماسة من حوله إن “النيويوركيين يعرفون تماماً ما الذي أقدمه، فالناس يوقفونني في الشارع ويهتفون ‘حافلات مجانية’، أو ‘تجميد الإيجارات’، وهذا يعني أننا نبني حركة حول السياسات، لا حول الأفراد.”

سيكون من الجميل لو تعلمت إسرائيل منه التركيز على البرنامج السياسي، بدلاً من الشخصي – وهو ميل تحوّل إلى مرض خبيث في سياستنا.

من الجيد لإسرائيل أن يتوقف العالم عن تجاهُل سلوكها المتهور

في أي حال، لا يبدو كأن بلدنا الصغير سيكون في مقدمة اهتماماته. فمع كل الاحترام لذعر الإسرائيليين المقتنعين بأن العالم يدور حولهم، فإن ممداني يهتم بأطفال الروضة في مانهاتن أكثر من النواب البالغين في الكنيست.

وفي كل الأحوال، من الجيد لإسرائيل أن يتوقف العالم عن تجاهُل سلوكها المتهور، وأن يبدأ بمطالبتها بتحمّل مسؤولية أفعالها.

وحده الضغط الدولي على الحكومة هو ما نجح في إعادة المخطوفين ووقف الحرب، ووحده ضغط كهذا يمكن أن ينقذنا من الهاوية التي نندفع نحوها بسرعة.

ممداني لا يشكل خطراً على إسرائيل بل على الكذبو التي ترويها لنفسها

زهران ممداني لا يشكل خطراً على إسرائيل؛ إنه خطر على الكذبة التي ترويها إسرائيل لنفسها. والحقيقة هي أنه من دون حرية وأمن للجميع، لن يكون هناك حياة جيدة لأي طرف، بل هناك مزيد من الموت، ومزيد من الدمار، ومزيد من نشرات الأخبار التي تخيفنا من تهديدات متخيّلة حتى لا نضطر إلى مواجهة الواقع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى