رأي/ كرونيك

حدود الحريات الفردية…الوزير يتيم نموذجا….

الكل يعرف أن الحد الفاصل بين الخاص والعام في حياة الشخصيات العمومية..هو خيط رفيع فقط…
ففي حين يتمتع الأشخاص البعيدون عن السلطة والسياسةوالأضواء … بحياة خاصة..يعيشونها طولا وعرضا …وقد لا يسائلهم أحد حول خبايا علاقاتهم الاجتماعية..وأسرارهم….
تتعرض الشخصيات العمومية..والسياسية منها على وجه الخصوص لكاميرات مراقبة خفية…يحملها معه كل متتبع لخطاهم..
وغني عن الذكر أنها ظاهرة عامة لم تنج منها حتى أعتى الديمقراطيات في شمال الكرة الأرضية…
وبهذا الصدد نتذكر كيف قضت فضائح جنسية على المستقبل السياسي لشخصيات وازنة….أو على الأقل أثرت على مسارهم السياسي( كلينتون ، هولاند….)
ويبقى السؤال الأهم؟
لم يكيل الرأي العام بمكيالين فيما يتعلق بالحريات الفردية لأفراد المجتمع الواحد؟
فحين يتعلق الأمر بأشخاص عاديين..ينبري الكل منددا بالتدخل السافر في الحياة الخاصة للناس! …وهلم جرا…بالطبع أنا أتحدث عن مجتمعات مابعد الحداثة..
أما في مجتمعاتنا فالتدخل في حياة الناس هو السائد…إلا أن الشخصيات العمومية عندنا تنال حظا أوفر بكثير من التدخل.. فيما يشبه الرقابة العامة على السلوكات الاجتماعية الخاصة!….
إن الشخصية العمومية، وعلى الأخص تلك التي وصلت للمواقع العليا في تدبير الشأن العام( كالبرلمان والحكومة..) قد تعاقدت مع المنتخبين في مرحلة، على الأقل،من مراحل الارتقاء السياسي نحو المسؤولية على عدم الكذب أوالغش..أوالتزوير…إنه تعاقد ضمني بين المنتخبين ومنتخبيهم…ولذلك..تصبح الحياة الخاصة( بأسرارها ومتاهاتها الملتوية) كسيف ديموقليطس مسلط على رقاب الشخصيات العمومية! كيف ذلك؟
كل تسرب لمعلومات خاصة تحمل في طياتها غشا أو كذبا أو نفاقا أو تزويرا…يشوه صورة الشخصية العمومية…
فمن يغش ويكذب ويزور الحقائق..وينافق في الحياة الخاصة…مؤهل لذلك في الحياة العامة !
يقول الفرنسيون: qui vole un oeuf vole un boeuf! ..وهنا….من غش في الخاص سيغش في العام !

والمفترض في الأشخاص المنتخبين أنهم تعاقدوا مع المجتمع على كل الصدق وكل النزاهة..وكل الشفافية!
في الوعي الجمعي، الحياة الخاصة للشخصيات العمومية مجس يجس (يقيس) صدقية الخطاب وعدم ازدواجية المعايير…بين السر والعلن! بين الخاص والعام!
أما في حالة الوزير يتيم.. فينضاف إلى كل ماسبق تناقض الممارسة الخاصة مع الخطاب الديني الذي كان مطية سهلة للوصول إلى قلوب الأصوات الناخبة!
وإنه، لعمري، أبشع أنواع النفاق!
ملحوظة لها علاقة بما سبق: لم تم تسريب صور الوزير الإسلاموي في هذا الوقت بالذات؟
لنرجع إلى مآسينا وهي مآسي هذا الشعب….

دم الشهيدة حياة لن يضيع هدرا..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى