الرئسيةسياسة

دراسة: أغلبية العينة المستوجبة (%86) من الشباب المغربي عبرت عن عدم رضاها عن أداء الساسة وأحزابهم

أكد، معهد بروميثيوس للديموقراطية وحقوق الانسان، بخصوص الاهتمامات السياسية، لأن  الشعور بالانتماء لدى الشاب المغربي يتقاطع والإحساس بالفخر في لحظات خاصة يُنتشى فيها بسماع النشيد الوطني والموسيقي التراثية، أو بمشاهدة حملات التضامن الوطني، أو بقراءة كتب التاريخ، أو بالتباهي بنجاحات رياضية، أو علمية، أو ريادة ثقافية، أو بتميز عن بلدان أخر على مستوى استتباب الأمن والاستقرار.

جاء ذلك، في الدراسة، التي، أكد المعهد، أنها اعتمدت، البحث الميداني مقاربة مزيجة إدماجية وتشاركية واستحضرت ثلاثة من مناهج العلوم الاجتماعية: الاستبيان والمنتديات النقاشية وسرديات التجارب الحياتية للأفراد، و وجهت العناية للشباب من الفئة العمرية المتراوحة بين 18 و34 سنة. استهدفت في مرحلة الاستبيان الكمي 1239 مجيبا ومجيبة ذات بروفيلات متنوعة: شكلت فيها الفئة العمرية ما دون 30 سنة نسبة %87، والعنصر النسوي نسبة %47، في حين لم يحدد الجنس لدى مجيبين اثنين. مصادر التوجس من المستقبل تختلف وتتنوع، لكن المشترك بينها يبقى أنها سياقية تخص الحياة الاجتماعية للشباب باعتبارهم أفرادا يعيشون داخل مجتمعات محلية محدودة الآفاق الاقتصادية وفرص العمل القار.

واضافت الدراسة، أن هذا الشعور بالانتماء،  يتبدد وتزداد الريبة حينما يسأل الشباب على درجة ثقتهم بالديمقراطية التمثيلية وبجدوى العمل السياسي والحزبي. فأغلبية العينة (%86) عبرت عن عدم رضاها عن أداء الساسة وأحزابهم، كما أكدت ما خلصت إليه الدراسات السابقة من عدم اكتراث الشباب المغربي بالانخراط في الأحزاب بسبب ضعف ديمقراطيتها الداخلية والفوقية المتفشية في تنظيماتها وفساد حكامتها وعدم وجود فرص لتجديد نخبها نتيجة وجود شبكات عائلية وزبونية تحد من طموح الترقي داخلها.

في نفس الصدد، سجلت الدراسة مفارقة تبدو جديدة على الحقل السياسي المغربي، مؤداها أنه بالرغم من ضعف جاذبية العمل الحزبي إلا أن ذلك لم يمنع من إقبال ما يناهز 6 على 10 شبان وشابات على التسجيل في اللوائح الانتخابية العامة خلال 2021 (السنة التي جرت فيها جميع الاستحقاقات الانتخابية المهنية منها والعامة الجماعية والجهوية والتشريعية).

وقد بين البحث، أيضا، أن 5|3 من المسجلين في تلك اللوائح قد صوتوا في استحقاقات 8 شتنبر المنصرم، وأن غالبية المصوتين استندوا في اختياراتهم على الثقة في شخص المترشح بعيدا عن أي التزام حزبي أو إيديولوجي. وهنا تبدو عوامل الجوار والقرب العائلي والانتماء القبلي محددات حاسمة في اختيارات هؤلاء. ولعل أهم خلاصات البحث في هذا الشأن، أن الأسرة ما تزال تلعب دورا في تساكن نقائض القيم التقليدية والحداثية: لتجعل المزج بين النفور من السياسة وبين مناصرة التزامات الأسرة في الحياة العامة معادلة ممكنة، حيث احترام الأبوية العائلية محفز على بناء الثقة في جدوى آليات العيش المشترك.

من جهة أخرى، تؤكد إجابات الشباب أن مركزية قرار الدولة واحتكارها للموارد العمومية تجعل الحكومة أمكن في القدرة على الوفاء بالتزاماتها الانتخابية منه من المجالس الترابية الجماعية والجهوية.

فيما يخص أولويات الحكومة الجديدة التي أفرزتها انتخابات 8 شتنبر 2021، فأغلبية الشباب يلحون على الحاجات ذات العلاقة بتيسير الولوج للعمل القار وتجويد الخدمات الأساسية في جغرافية القرب الاجتماعي من تعليم وصحة وتكوين مهني ونقل عمومي…

بالموازاة مع عدم رضاهم على جدوى العمل الحزبي، تؤكد الدراسة، أن الشباب عبر  على أهمية الديمقراطية التشاركية والعمل الجمعوي، وقد أبدوا حماسة أكبر للتطوع. لكن هذا الانفتاح على العمل المدني لم يمنع من عدم معرفة 6 على 10 من هؤلاء الشباب بوجود قوانين منظمة للعرائض والملتمسات، بالرغم من إقرارهم بأهميتها في دعم المشاركة المواطنة.

لقد أبرزت أيضا مرحلة البحث الميداني الكمي أن الشباب المغربي يولون اهتماما أكثر بما يجري “هنا وحالا” منه بما يجري خارج الحدود من أحداث دولية. في هذا الإطار، أفصح أغلبهم على أولوية المسألتين التاليتين: (1) تخليق الحياة العامة وتجويدها بما يفيد تحسين الوضعية الحالية على مستوى التنمية والديمقراطية ومحاربة الرشوة ومختلف أشكال الزبونية والسلوكات الفاسدة وما يرتبط بخدمات وأداء المجالس المنتخبة. المسألة (2) تتعلق بالوحدة الترابية وتحصين أمن الوطن واستقراره أمام مخاطر الإرهاب والتطرف الجهادي.

تنتهت الدراسة إلى تسطير خلاصات عامة مستخلصة من المنتديات النقاشية وسرديات التجارب الحياتية
يستفاد من مختلف اللقاءات التي نظمت أثناء البحث الكيفي ما يلي:

شبيبة مهووسة باستقلالها الذاتي…

لم يحدث تغيير جوهري على مستوى حاجات اليومي والمشهد القيمي للشباب المغربي، حيث ظلت مختلف الخاصيات مستقرة طيلة ثلاثين سنة الأخيرة. ذلك إن الرغبة في الاستقلال عن الوالدين وإثبات الذات -اجتماعيا- والبحث الحثيث عن الاستقرار أهم الميزات التي طبعت جيل مواليد التسعينات وبداية القرن 21. في نفس الآن، يلمس عند هؤلاء تزايد في الوعي بالحقوق وبالحريات؛ كما يلاحظ لديهم ربط آلي بين التوفر على عمل قار وبين الشعور بالثقة في جدوى العيش المشترك وبالحماية من مخاطر الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية. ومنه، فبالنسبة لأغلبية المشاركين والمشاركات في البحث أن الوضعية المتردية تزيد من احتمال حدوث توتر بين الشباب وبين المجتمع والدولة.

شبيبة قلقة لكنها مسؤولة…

بالرغم من تعاظم حجم مطالبهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إلا أن الشباب يبدى ارتياحا نسبيا، ويشعر بالأمان؛ كما يستشعر بمسؤولية الحفاظ على استقرار البلد أمام المخاطر التي تهدد استقراره وتناغم أفراده وتلاحمهم.
لقد أبانت الدراسة أن هذا الميل بالرضا بالعيش المشترك وبالإيمان بسلمية العلاقات الاجتماعية ونبذ كل أشكال العنف وبضرورة تجنب كل تغيير جذري فجائي، يقابله وجود قلق لدى نسبة عالية من هؤلاء الشباب بسبب تضاؤل فرص الشغل والوضعية المتدهورة لخدمات القرب الاجتماعي، خاصة في قطاعي التعليم والصحة.
شبيبة وإن بدت فريدة لكنها عادية…

محصلة القول، تؤكد الدراسة،  أن العلاقة بالسياسة بمفهومها غير التقليدي وبحقوق المواطنة تيمات محورية ترمز لتحولات اجتماعية عميقة طرأت على المجتمع المغربي وجعلت الشباب اليوم في قلب هذه التحولات. لكن الالتزام السياسي للشباب بمعناه الواسع لا يعني الانخراط في البنيات والمؤسسات السياسية المعيارية، كما لا يعني إقبالهم الاستثنائي على التسجيل في اللوائح الانتخابية خلال السنة المنصرمة (2021) أي دلالة رمزية على حدوث تغير في تمثلهم السلبي للعمل الحزبي والترشح للاستحقاقات الانتخابية. فالشباب المغربي ما يزال محتاطا من الممارسات السياسية السائدة، ومكترثا أكثر فأكثر بالوازع الأخلاقي في التدبير العمومي، وحريصا على علاقاته بالأسرة وبهويته المجالية وبحريته في الاختيار.

تضيف الدراسة، أنه و لكي يتسنى لنا فهم هذا الجيل من الشباب ينبغي تفكيك سلوكاته اليومية وتمثلاته للحياة الجماعية. فهو جيل يقبل تحدي التأقلم مع متغيرات سياق معولم رقمي حيث طوارئ القيم تحدث بسرعة وبإيقاع فجائي يصعب التحكم فيه. إنه بكل بساطة جيل يضم شبابا أكثر قربا وانفتاح وتواصلا مع أقرانهم في البلدان الأخرى، وإن اختلفوا في التقاليد والثقافات والجنسيات، لكن المشترك بينهم أنهم أكثر حرصا على إثبات الذات والبحث الحثيث على نيل الاعتراف الاجتماعي والحماية الضرورية لحقوقهم الكونية. هم جيل من هؤلاء الذين يلحون على البروز في الفضاءات العمومية بمظهر مختلف وبآراء وطموحات ليست بالضرورة على وئام مع التعاويد السائدة في التنظيم الاجتماعي، ولا على درجة من الوفاق مع درجت عليه الأجيال السالفة فيما يهم تمثلات العيش المشترك وقيمة المؤسسات داخله.

اقرأ أيضا…

دراسة: 7 على 10 من الشباب المغربي المستوجب أهم انشغالاتهم في الحياة اليومية أزمة العطالة وقلة فرص الشغل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى