الرئسيةسياسة

أقصبي: الدولة الاجتماعية كما تطورت في التاريخ وفي مسار تعدد نماذجها هي بالضرورة دولة الحق والقانون

قال الخبير الاقتصادي، نجيب أقصبي، إن مصطلح الدولة الاجتماعية هو قديم وجديد، جديد لأنه يعود للنقاش العمومي والذي كان يجري تداوله منذ حوالي 15 سنة حتى 20 سنة، مشيرا بهذا الخصوص لمجموعة من الكتب التي كانت صدرت في سنوات 2007 و 2008،

جاء ذلك، خلال الندوة التي نظمها مركز بنسعيد أمس الجمعة بالدارالبيضاء، حول موضوع “الدولة الاجتماعية”، حيث أشار أقصبي، أن الدولة الاجتماعية هي دولة تعمل بسياسة غايتها ضمان النفقات الاجتماعية لصالح المواطنين، من خلال مجموعة من التأمينات الاجتماعية، فضلا على أنها تضمن مشاركة جماعية في تدبير المخاطر التي يمكن أن تحدث، مثل مخاطر الصحة والحياة والشيخوخة والعائلة والشغل.

في السياق ذاته، أكد أقصبي أنه وبالرجوع للتاريخ توجد كتابات وأحداث ووقائع، بحيث ينبغي العودة للإمبراطورية الثانية في فرنسا، بين 1850 و1970، كان في ذلك الوقت جمهوريون فرنسيون أمام الاحتقان الاجتماعي،و أمام تصاعد النضالات العمالية، كانوا يطالبون بالدولة الاجتماعية، كي تهتم بالشأن العام، وبالمصلحة العامة.

إن الحديث يقول أقصبي عن الدولة الاجتماعية هو حديث عن سياسة تهدف إلى ضمان نفقات اجتماعية لصالح مجموعة من التامينات الاجتماعية وهي كمشاركة جماعية في المخاطر التي يمكن أن تحدث وهي خطر الحياة، الشيخوخة، العائلة، الشغل، ونظام اجتماعي، دائما يعتمد على مفهومين،” التأمين ثم المساعدة والدعم”، والأساس الذي يبنى عليه ذلك هو الاشتراك بغاية مواجهة المخاطر.

في حين يضيف أقصبي الدولة تبني تدخلها على أساس التمويل الضريبي بما هو اشتراك الجميع، ومن خلاله تمنح الدعم، مشيرا في هذا الصدد، أن ما سمي بدولة الرفاه انتهت بعد 1975 مع مجيء النيولبرالية والتحرير، بأوربا وأمريكا، وحدث ما يمكن اعتباره مزج بين النماذج، بحيث لن نجد مثلا نموذجا يعتمد فقط على التأمين، وهناك من تعتمد على المساعدة أكثر من اعتمادها على التأمين، أي بما يعني أنه إذا كانت الصورة العامة واضحة في الماضي، فإنها اليوم ليست كذلك.

في السياق ذاته، قال نجيب أقصبي، أنه في نماذج الدولة الاجتماعية، العديد من الدول شهدت على مر التاريخ عدة نماذج، فقد رأينا التحرير ثم اللبيرالية، وعمدت بعض الدول خاصة في أوروبا وأمريكا على الخلط بين هذه النماذج، وعموما، فإنه توجد ثلاث نماذج تاريخية عندما نتحدث عن الدولة الاجتماعية، هي النموذج المحافظ الذي ابتدعه بيسمارك 1883إلى نهاية القرن 19، والنموذج المحافظ الفئوي الذي يعتمد على التأمين الخاص بفئات معينة، والنموذج الاشتراكي الديمقراطي الذي يعتمد على الضرائب يضمن من خلالها التغطية الاجتماعية، بغض النظر عمن يشتغل وعمن ليس كذلك، والنظام اللبيرالي، والذي تترك فيه الدولة السوق يقوم بدوره،، وفي حالة وجود فئات غير قادرة على التأمين تتدخل لمساعدتها.

وأضاف أقصبي في المداخلة ذاتها، أثناء حديثه عن مقومات الدولة الاجتماعية كما تطورت في التاريخ وفي مسار تعدد نماذجها، والتي حددها في كونها دولة الحق والقانون، والدولة التي أقرت الضريبة التصاعدية العالية كتكلفة كانت مفهومة في السياق الذي كان عليه العالم زمن الحرب الباردة، وزمن قوة الأحزاب الشيوعية، وزمن كانت تعي البورجوازية يومها أنه لقطع الطريق على الشيوعية لابد من تأدية التكلفة الاجتماعية، إنها في الأساس الدولة التي تطورت بعد الحرب العالمية الثانية وفي كنف الديمقراطية، وفي ظل أنظمة تحتكم للقانون، ووجود سلطة وسلط مضادة.

وأضاف ذائما في مسالة مقومات الدولة الاجتماعية، هناك ثلاثة سياسي واجتماعي ومالي، “أما المقوم السياسي، فأفاد أنه يعتمد على تدخل الدولة، مثلما وقع في ازمة 2008 وأزمة كورونا، من خلال تدخل الدولة، بناء على رؤية وبرامج لخلق نجاعة اقتصادية،” وبخصوص الناحية المالية، اشار أقصبي أن “الدولة الاجتماعية بنيت على ضرائب ونفقات، كميزانية للدولة، باعتبارها تسلم هذه الضرائب كموارد للتمويل وضخها كنفقات في مساعدة الطبقات الهشة، وأيضا لتطوير الصحة والتعليم”، وأن المقوم المالي يجد ترجمته من خلال ميزانية الدولة، حيث تلعب“ دورا محوريا في المضي قدما بمشروع الدولة الاجتماعية”.

وأبرز المتحدث ذاته، ” عندما تكون هناك ضرائب على الرأسمال والممتلكات والإرث هذا يعني عمليا أنك تطلب من الطبقات الميسورة المساهمة في تمويل النظام الاجتماعي، والمساهمة في تمويل الصحة والتعليم”، وأن تمويل نفقات الدولة الاجتماعية يكون ذاتيا وليس عن طريق الديون بشكل يكون كافيا ودائما.

يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى