
في خطوة تُجسد طموحاً مالياً نحو التوسع، وقّعت مؤسسة “الفلاحي كاش”، التابعة لمجموعة القرض الفلاحي للمغرب_مجموعة بنكية مغربية ذات رأسمال عمومي تأسست سنة 1961،_ يوم الأربعاء 28 ماي 2025، اتفاقية شراكة استراتيجية مع شركة “ريا لتحويل الأموال”، وهي من أبرز الفاعلين الدوليين في قطاع التحويلات المالية، الحاضرة في أكثر من 190 دولة حول العالم، وفق ما ذكر بلاغ صحفي.
شراكة متعددة الأبعاد: خدمات مالية متقدمة وتقريب اقتصادي للأسر
تهدف هذه الشراكة وفق البلاغ الصحفي، للمشرفين على هذه العملية، إلى تعزيز الحضور الترابي لمجموعة القرض الفلاحي، وتوسيع خدماتها المالية لتشمل فئات أوسع من المواطنين، خصوصاً في العالم القروي والمناطق شبه الحضرية، وبموجب الاتفاق، سيتم إدماج خدمات “ريا” تدريجياً داخل شبكة وكالات “الفلاحي كاش”، إضافة إلى فروع المجموعة، وعلى رأسها “البنك الأخضر” و”أرضي”.
وستتيح، وفق البلاغ ذاته، هذه الخطوة للمغاربة داخل الوطن وخارجه إمكانية إرسال واستلام الأموال بشكل سلس، سريع، وآمن، مع ضمان احترام الضوابط القانونية، وبأسعار تنافسية، وفقاً لما أكده بلاغ رسمي صادر عن المؤسستين.
و أوضح محمد فيكرات، رئيس الإدارة الجماعية لمجموعة القرض الفلاحي للمغرب، أن هذه الشراكة “تجسد رغبة المجموعة في بناء نموذج خدمات مالية مفيد وشامل، يسهل التبادل بين الزبناء في المغرب وخارجه، ويكرس قيم تقريب وتجويد الخدمة والتضامن المجتمعي”.
رهان على السوق المغربية: “ريا” تراهن على شريك استراتيجي موثوق
من جهته،استنادا للمصدر ذاته، شدد الحادج مليك سيك، المدير العام لأفريقيا في شركة “ريا”، على أن “التعاون مع مجموعة القرض الفلاحي للمغرب يمثل فرصة استراتيجية كبرى، بالنظر إلى حضورها القوي في العالم القروي وحجمها المؤسساتي”، مما يجعل “الفلاحي كاش” شريكاً طبيعياً لتنفيذ أهداف “ريا” في توسيع الولوج إلى الخدمات المالية الرسمية في المغرب.
أما ماريا لوبيز، مديرة قسم الخدمات المالية في “ريا”، فصرحت بأن “السوق المغربية تمثل نموذجاً مهماً في منطقة شمال إفريقيا، نظراً إلى بنيتها الديمغرافية الخاصة واحتياجها المتزايد إلى حلول تحويل مرنة وسريعة، وهو ما نسعى لتوفيره عبر هذه الشراكة”.
المغرب يطمح أن يكون في قلب منظومة التحويلات العالمية
ذكر البلاغ الصحفي، أن المغرب يعد من أكثر الدول استقبالاً لتحويلات الجالية، حيث سجلت تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج نحو 117.7 مليار درهم (حوالي 11.7 مليار دولار) خلال عام 2024، بحسب أحدث بيانات بنك المغرب، محققة ارتفاعاً بنسبة 2.1% مقارنة بعام 2023، وبهذا، تُمثل هذه التحويلات المصدر الأول للعملة الصعبة في المملكة، متقدمة على الاستثمارات الأجنبية والسياحة.
ورغم هذا الأداء القوي، تواجه سوق التحويلات المالية في المغرب تحديات متعددة، تشمل ارتفاع تكاليف التحويل، وضعف الولوج إلى الخدمات البنكية في عدد من المناطق، فبحسب البنك الدولي، بلغ متوسط تكلفة تحويل 200 دولار إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حوالي 5.9% نهاية عام 2023، مع توقعات بانخفاض طفيف إلى 5.8% خلال 2024، وهي نسب تفوق الهدف العالمي المحدد في 3%.
وفي هذا السياق، يرى الدكتور عزيز العمري، أستاذ الاقتصاد المالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن “الدخول في شراكة مع فاعل عالمي مثل ‘ريا’ يُمثل تحولا إيجابياً في اتجاه خفض التكاليف، وتوسيع الشمول المالي، وتحفيز استقرار دخل الأسر التي تعتمد على التحويلات كمصدر رزق أساسي، خاصة في القرى والمناطق النائية”.
“الفلاحي كاش”: شبكة محلية بامتداد وطني ودور تكاملي
منذ تأسيسها سنة 2021، تعمل مؤسسة “الفلاحي كاش” على تطوير خدمات مالية موجهة للفئات غير البنكية أو الموسمية، بالاعتماد على شبكة متنوعة تضم وكالات خاصة، ووكلاء بامتياز، ومندوبين من مؤسسات القروض الصغرى، بالإضافة إلى شبكة كبيرة من تجار القرب، مما يُكمل ويعزز قدرات شبكة القرض الفلاحي الأم، على حد تعبير البلاغ.
وتسعى المؤسسة اليوم، من خلال شراكتها مع “ريا”، إلى توسيع عروضها، وتوفير خدمات تحويل متكاملة وموزعة بشكل عادل على مختلف ربوع البلاد، مستهدفة ليس فقط الزبناء الحاليين، بل أيضاً المواطنين الذين لا يتعاملون مع البنوك، مما يُسهم في دمجهم ضمن النظام المالي الرسمي.
خطوة في وقتها
أشار البلاغ، أنه و في ظل المتغيرات الاقتصادية العالمية، والقيود التنظيمية التي بدأت بعض الدول الأوروبية تفرضها على تحويل الأموال، يُعدّ هذا التحالف المالي بين “الفلاحي كاش” و”ريا”، و بحسب القائمين على المشروع،خطوة، تُعيد تشكيل ملامح سوق التحويلات في المغرب، فهو يجمع بين قوة الشبكة المحلية وحضورها في المجال القروي، وخبرة فاعل دولي متمرس بخبايا الأسواق العالمية.
يعتبر القائمون على هذا المشروع، أن هذه الشراكة ليست فقط مجرد اتفاق مالي، بل مشروع تنموي استراتيجي يعكس التزام الطرفين بمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وتقديم خدمات أكثر جودة للمغاربة في الداخل والخارج على حد سواء.