رأي/ كرونيكسياسة

الفساد ثابت في صفوف حزبكم يا رئيس الحكومة

سعيد الكحل كاتب وباحث

خلال ترأسه للقاء تواصلي بمدينة القنيطرة يوم السبت 23 نوفمبر 2019، تفاخر العثماني، رئيس الحكومة، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية ،بكون حزبه ( بقي وفياً لوعود حملاته الانتخابية)، و (أن المعارضة عجزت عن إثبات سرقة مستشاري العدالة و التنمية فلساً واحداً) .

طيب، تعالوا لنرى ماذا حقق حزب العدالة والتنمية وهو على رأس الحكومة منذ 2011 ، من الوعود التي خاض بها حملاته الانتخابية. لنكتفي بوعد واحد جعله الحزب شعار حملته الانتخابية سنة 2011 وهو “صوتك فرصَتُك لمحاربة الفسَاد والاستبداد”، فليقدم لنا العثماني نماذج من الفساد التي حاربها حزبه طيلة رئاسته للحكومة .

هل يمكن لرئيس الحكومة أن يفسر العلاقة بين قرار “عفا الله عما سلف” الذي اتخذه سلفه بنكيران لصالح ناهبي المال العام وبين محاربة الفساد؟ هل يستطيع سيادته أن يوضح عجز وزير من حزبه في الحكومة عن تنفيذ قرار تسقيف أسعار المحروقات رغم وعوده وتهديداته للشركات الموزعة؟ .

تابع الشعب المغربي باهتمام كبير نشر لائحة المستفيدين من “الـڴريمات”(المأذونيات) الخاصة بسيارات الأجرة والحافلات، لكن لا يعلم لحد اليوم عن الإجراءات التي اتخذتها حكومة البيجيدي لإنهاء الفساد في قطاع النقل؛ فهل يتفضل  العثماني بتنوير الرأي العام الوطني عن حصيلة الحرب تلك التي خاضها حزبه عبر الحكومة ضد الريع؟ لا ننتظر منك جوابا ولا توضيحا، بل يكفي المغاربة الاطلاع على تقرير مؤشر مدركات الفساد، الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية، ليعلموا أن المغرب يحتل المركز 90 عالما من ضمن 176 دولة شملها التقرير .

لحسن حظك ، سعد الدين العثماني أن الذين حضروا في اللقاء الذي ترأسته هم من أعضاء حزبك تربوا على الطاعة والخضوع وأن السؤال بدعة، وإلا لكانوا واجهوك بنتائج التقرير، الذي أنجزته منظمة الشفافية الدولية ترانسبرانسي بشراكة مع منظمة “أفروبارومتر” خلال 2019 ، والتي تظهر أن 74 % من المغاربة المستجوبين ضمن هذا المسح يعتقدون أن حكومتك تقوم بعمل سيء لمحاربة الرشوة.

أما عن الإصلاح الذي تتحدث عنه يا رئيس الحكومة فإن الفشل الذريع الذي فرض عليك تغيير الحكومة بأمر من ملك البلاد خير دليل عن فشل حزبك وحكومتك في إنجاز الإصلاح المطلوب

أما عن ادعائك (أن المعارضة عجزت عن إثبات سرقة مستشاري العدالة و التنمية فلساً واحداً  ، فأحيلك على فيديوهات السيد لحسن بوعرفة، المستشار الجماعي بكلميمة التي يكشف فيها بالأدلة والوثائق عن الفساد والنهب اللذين يمارسهما الشوباني رئيس الجهة، ومنها أداء نفقة استجمام زوجته وأبنائه في تركيا من المال العام، أو استفادة زوجته من التنقل عبر الطائرة على حساب الجهة ب650 درهم .

إنه يطمع في ثمن التذكرة الذي لا يساوي شيئا أمام التعويضات والتقاعد اللذين يستفيد منهما. أليست هذه سرقة يا رئيس الحكومة ؟ الأمر لا يقتصر على الشوباني، بل يشمل عددا من أعضاء حزبك بصفتهم رؤساء المجالس الترابية الذين طالهم العزل . السرقة. يا رئيس،

الحكومة لها ألف وجه ووجه  أدناها خلق جمعيات موالية لحزبكم لتستفيد من الدعم مقابل جلب الأصوات الانتخابية وأعلاها تمرير الصفقات الكبرى لمقاولات بعينها يملكها ذوو القربى والتي بدورها تساهم في تمويل الحزب

فلا شيء لوجه الله والوطن، بل نحن أمام عملية شبيهة بتبييض الأموال. إن حزب العدالة والتنمية، ليس فقط يشجع الفساد والنهب والسرقة، بل يمارس الإفساد الممنهج على مختلف الأصعدة، لقد اتخذ قرار سرقة أرزاق الموظفين وجهدهم وسنوات من أعمارهم باسم إصلاح التقاعد بعدما روج إفلاس الصندوق. وشاءت ظروف الأزمة المالية التي تعيشها خزينة الدولة ،بسبب الفساد الذي شجعته حكومة البيجيدي، أن يقتني ذات الصندوق خمسة مستشفيات بما يفوق 4 ملايير درهم . فمن أين له بهذه الملايير وهو على شفا الإفلاس ؟ كما سرقت الحكومة بقيادة البيجيدي أرزاق المواطنين وقوتهم اليومي بإلغاء دعم المحروقات وعدد من المواد الأساسية ، وفرض التوظيف بالتعاقد وحذف الترقي بالدبلومات والشهادات الجامعية .أليس هذه أخطر أنواع السرقات لأنها تمس جيوب المواطنين مباشرة وتجعلهم يكتوون بنار الغلاء ويتجرعون مرارة الفقر والبطالة والأمراض؟

هل تعلم، السيد رئيس الحكومة، أن بسبب سياسة استهداف القدرة الشرائية لغالبية المواطنين، صنف مؤشر الازدهار العالمي لسنة 2019 المملكة المغربية في المرتبة الـ100 عالميا والثانية مغاربيا من ضمن 167 دولة في العالم؟ أليست هي نفسها المرتبة التي احتلتها بلادنا في التصنيف نفسه سنة 2009؟ ألا يدل هذا الجمود في الرتبة ، على كون السنوات العشر الأخيرة لم تشهد أي تحسن على مستوى الرفاهية والرخاء الاقتصادي ؟

إذن أين هي نتائج الإصلاح المزعوم الذي تروج له بفرصة أو بدونها؟ وما مصير الملايير التي استدانها البيجيدي باسم الحكومة ؟ ألا تكفيك قوافل هجرة الشباب المغربي وركوبه مخاطر الغرق في البحر أو الاسترقاق في ليبيا ،لتدرك أن الإصلاح الذي تزعم ليس سوى وهْم أو خدعة ؟ مهما أشاع قادة البيجيدي ووزراؤه من مزاعم الإصلاح سيظل حبل الكذب قصيرا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى