سياسةفي الواجهة

بن كيران: بداية مخطط العودة وخسارة من راهن على معاشه

ربما لحد الساعة هناك من مازال يشكك في الكوميديا السوداء للفقيه المظلوم ورئيس الحكومة المغبون…
سننعش الذاكرة…

فعقب تدبيج الورقة التي لا تصلح إلا للزريعة و في أفضل الأحوال إن كانت لحجم كبير، قد تصلح للحم، بأغرب خطاب رسمي لرئيس حكومة سابق، شكلا ومضمونا، قلنا إن الفقيه الذي لم يستوعب رسالة الدولة التي منحته فيها أعلى سلطة بالبلاد، معاشا تكميليا صاف، غير قابل لأي اقتطاع، حدد في 7ملايين سنتيم، وهو معاش استثنائي، تلك الرسالة التي تحضه تلميحا، أن يتفرغ لعبادته وينعم بمعاشه، و بما ترك له من وجاهة…سيارة للدولة راقية، وشرطيان منتصبان أمام بوابة سكنه.

والحقيقة أن أمثال بن كيران بماضيهم الخطابي، وطاقتهم الشعبوية، ممن ذاقوا طعم الزعامة، و انتشوا بخمرة الرئاسة، لا يستطيعون نفسيا أن يغلقوا عليهم بابهم، ويتفرغوا للعبادة، فالزعامة شهوة قد لا يفلت من غوايتها حتى أقطاب الصوفية… لأن لها سحرها وفتنتها التي لا تضاهى بأموال الدنيا… فلا عجب إن رأينا الأغنياء الفاحشين ثراء، يبحثون عبر السياسية عن الزعامة والرياسة، فشهوتها لا تقاوم…

الذين راهنوا على تقاعد بن كيران، و انتهاء مرحلة البيجيدي باغتياله أخلاقيا، يضربون الآن أخماسا في أسداس…

ظلت شهية الرجل مفتوحة للزعامة، ولم تعطلها ملايين المعاش، وقد فطم فطما مؤلما عن الحكم، و خانه القريب قبل البعيد، و لا أظنه اندملت جراحه عقب سقوطه المخزي ليلة الإعفاء، وتشكيل الحكومة بالشروط التي قاوم مشهورا ضدها…

لنعد إلى التكتيك السياسي للبجيدي الذي كشفت عنه فور تجميد بن كيران لاستقالته، تذكروا أنني قلت إن الأمر لا يعدو كونه مناورة ذكية من لدن البيجيدي، الذي أرفع لأطره قبعتي، ففعلا على مستوى التكتيك السياسي هؤلاء الناس يشتغلون وفق استراتيجية سياسية لا يمكن تمثل مهاراتها وكفاياتها إلا في دورات للتكوين السياسي لمراكز ومؤسسات دولية… هؤلاء الناس… لهم إمكانية على ممارسة السياسة وفق رؤية برغماتية، توظف المتاح والممكن للوصول إلى غير المتاح.

توقعت عودة بن كيران للصراع السياسي عقب تجميده لعضويته، و اعتبرت أن ما قام به في حينه تكتيكا سياسيا… فالعثماني هو الكاميكاز السياسي للمرحلة، يتحمل مسؤولية التطبيع وتقنين الكيف… وبالتالي تظل علاقة البيجيدي بالنظام آمنة وسليمة، ولا تتضرر الثقة الذي قدموا من أجلها الغالي والنفيس مع النظام، وفي الوقت نفسه… يقدمون للمحافظين وللمغاربة المغرر بهم إسلامويا، الفقيه الغاضب الذي غضب للدين والملة وللقدس والأمة…

ثم افترضت… أن الفقيه المظلوم، سيلغي التجميد بطريقة شعبوية، وبلغة” تمغرابيت” ” شايخو على والكبير كيكبر” ..

ربما هذه هي البداية…. ها هو يلغي قطع الرحم مع وزراء الحزب… بالطريقة نفسها… وعلى الورقة ذاتها… وانتظروا أن يعلن العودة للنشاط الحزبي…

الفقيه المظلوم هو المتنفس للغاضبين المحافظين و لكل من يصوت للعدالة والتنمية من منطلق مرجعيته الأخلاقيةوالدينية، وبالتالي خسر النظام رهانه على حصان مازال شهوة العدو السياسي تغريه، وغواية الرياسة تعميه…

موعدنا قريبا… مع ورقة أخرى تعيد بن كيران للحزب…بكل رصيده الأخلاقي و الإسلاموي، لخوض التنافس الانتخابي…

لا عيب في ذلك… فقط أريد أن أقول لكم… أنهم فقط بشر مثلنا يمارسون السياسة لكن يجيدون حلب بقرة الديمقراطية حتى النزيف، ويستطيعون أن يغيروا قواعد اللعب السياسي لمصلحتهم بالديمقراطية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى