ذاكرة

محمد سبيلا و تغيير المجرى

كان الرجل طاقة نضالية و فكرية، شعلة وسط أقرانه في بداية الستينات ناشط و حيوي في الإتحاد الوطني للقوات الشعبية و في جمعية( نادي الوعي) التي ضمت العديد من الأطر التي ستؤسس لحركة 23 مارس، إبن سباتة (ولد دربنا) أعرفه منذ تلك المرحلة ما زال بعض أصدقائه يذكرونه منهم الأستاذ مختبر الحسن و فجري خديجة و عبد الصمد ب الكبير و حرزني و غيرهم كثير فيهم من ودعنا كالمناضل مكوار و الحلوي و الصبري..

فجري
بقلم فجري الهاشمي

سوف يبعد عن الحزب فهناك من كان لا يرغب في أن يكون ذلك الشاب زعيما سياسيا لقد أبعدوه بطريقتهم فإبتعد بعد عشر سنوات حين إنعقد المؤتمر الإستثنائي سنة 1975 سوف يتصلون به من جديد ليعود إلى الحزب، كان الرجل قد غير مجرى حياته من السياسة إلى الفلسفة و مع ذلك كان حنينه لحزبه و لتجربته النضالية ما زالتا متأججتين في صدره فلم يخلف الموعد.

لم يكن يدرك أن مياها كثيرة جرت تحت الجسر و أن الحزب الذي يعرفه دخلته دماء جديدة لا تعرف قصته و لا مساره رغم أنه في تلك السنوات (من 1975 إلى 1978) كان الحزب يضم كثيرين ممن عرفوه في شبابه و في زمن ثوريته.

في سنة 1978 وقد كان كاتبا إقليميا للإتحاد الإشتراكي في مدينة فاس كنا نهيئ للمؤتمر الثالث للحزب و قد كنت قد كلفت بأن أقدم عرضا حول التقرير الذي كان قد أنجزه السيد محمد اليازغي حول تجربة أربع سنوات و هو التقرير الذي سوف يقدم إلى المؤتمر.

كان علي أن أقدم العرض رفقة الدكتور إدريس العراقي رحمه الله و الدكتور عبد الرزاق الدواي، حين وصلنا إلى فاس في سيارة إدريس العراقي ذهب هذا الأخير لزيارة أهله و تركنا ببيت الدكتور محمد سبيلة الذي طلب من زوجته أن تعد العشاء و تنصرف فهناك أشياء كثيرة سوف نتحدث عنها.تعرف علي سبيلا جيدا فهو يعرف أختي خديجة فجري التي كانت معه في تلك المرحلة، كنت آنذاك أنتمي إلى الجناح المناهض لجناح اليازغي و كان علي أن أوضح ل سبيلا خلفيات ذلك التقرير و أهدافه، أنصت إلى بإمعان و أنا أفكك ذلك التقرير بدا لي الرجل و كأنه يسمع أشياء غريبة خصوصا حين كنت أشرح له بعض الفقرات في التقرير التي تضم تلميحات عن الفقيه البصري.

إن عشر سنوات من الغياب عن الحزب جعلت من الصعب عليه فهم التطورات الجديدة و الصراعات المرتبطة بها حينذاك فهمت أنه حين تنقطع عن الممارسة و الحضور التنظيمي فإنك تصبح متجاوزا تذكرت حينها ما كان يقوله عمر بن جلون مستشهدا بكاسترو( إن الحركة مثل تلك الدراجة إذا توقفت عن الدوران تسقط).

كنت متيقنا أن المرحوم محمد سبيلا سوف يعود إلى المجرى الثاني (الفلسفة) ذلك أنه إكتشف أنه إبتعد كثيرا عن المجرى الأول (السياسة)

ملحوظة :

عائلة سبيلا عائلة مناضلة كان أخوه قاضيا و أصدر أحكاما ب البراءة في أحداث 1981 فطلب منه تقديم إستقالته، هكذا سيمارس المحاماة إلى أن تمت إعادته في عهد محمد السادس إلى القضاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى