رأي/ كرونيك

حميد اجماهري يكتب: تجويد مناخ الأعمال .. ‬السياسي‮

تجويد مناخ الأعمال ‬مطلبٌ‮ ‬يوضع عادة أمام السياسيين، من أجل الاستجابة لأرباب العمل، ‬فهل‮ ‬يكون رجل الأعمال الثري رئيس حكومة المغرب،‮ ‬عزيز أخنوش، مُطالبا اليوم بتجويد مناخ‮ ‬الأعمال‮ .. ‬السياسي‮ ‬في‮ ‬بلاده؟‮ قد‮ ‬يبدو الأمر كما لو أنه من المحسّنات البلاغية في‮ ‬ظرف سياسي‮ ‬لم يستكمل الرجل فيه المائة‮ ‬يوم،‮ ‬المعتادة قبل انطلاق الرشق والنقد، ‬الرسمي‮ ‬منهما والشعبي‮، غير أن الحكومة الحالية تعيش مفارقة أن تعمل من أجل تجويد مناخ سياسي،‮ ‬بدأ مبكّرا أنه‮ ‬يتطلب تجويدا، حيث نجد أنه لا يوجد أي‮ ‬تنظيم حزبي‮ ‬أو نقابي‮ ‬شارك في‮ ‬الاقتراع،‮ ‬طعن سياسيا في‮ ‬هذه الاستحقاقات،‮ ‬على الرغم من التنديد المرتفع باستعمال المال فيها ‮(بالغوا وتحدثوا عن ديموقراطية الأثرياء‮)! كما أن الحكومة تدخل على وضع سياسي،‮ ‬وصفه الملك محمد السادس بالإيجابي‮. ‬ومن مقومات‮ ‬هذا السياق الإيجابي‮:‬

نسبة نمو تفوق 5.5% سنة 2021، وهي نسبة لم تتحقق منذ سنوات، وتعدّ من بين الأعلى، على الصعيدين الجهوي والقارّي. ‬نمو القطاع الفلاحي‮ ‬نموا متميزا‮ ‬يفوق 71%. ارتفاع ملحوظ للصادرات كصناعة السيارات،‮ ‬والنسيج والصناعات الإلكترونية والكهربائية‮.‬ ‬ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة،‮ ‬بما‮ ‬يقارب‮ 16%. زيادة تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج،‮ ‬بحوالي 46%. ‬التحكم في‮ ‬نسبة التضخم‮ ‬في‮ ‬حدود‮ 1%.

حكومة عزيز

حميد اجماهري
بقلم الصحافي والكاتب حميد اجماهري

غير أن الحكومة‮ ‬قلصت من طموحها، في‮ ‬أول برنامج تقدّمت به‮، عندما أعلنت أنها ستعمل على نسبة نمو أقل من التي‮ ‬أعلنها ملك البلاد‮، ‬وحددتها في 3% ‬في‮ ‬قانون مالية ‮2022، ‬وهو ما خلخل أفق انتظار الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، وطرح سؤال قدرة الحكومة على الوفاء بعهودها، بنسبة نمو أقل من التي‮ ‬دخلت عليها‮. ‬والمناخ السياسي‮ ‬في‮ ‬المغرب لا‮ ‬يستدعي‮ ‬تجويدا‮‬،‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يساير ما رافق نتائج الانتخابات، وأيضا ما أعلن‮ ‬عنه العاهل المغربي‮ ‬فقط،‮ ‬بل لأن السياق الاجتماعي‮ ‬والصحي‮ ‬والمؤسساتي‮ ‬يطرح نقاشا متجذّرا‮.‬

قد‮ ‬يعطي رئيس الحكومة‮ ‬المغربية عزيز أخنوش صورة إيجابية عن إرادته السياسية في‮ ‬حالة التفاعل الإيجابي‮ ‬مع توصياتٍ لجنة أنشأها الملك للنظر في‮ ‬ملف الأسعار الشائك

‬وأول ما‮ ‬يتداوله المغاربة‮ ‬في‮ ‬هذه الأسابيع بعد تنصيب الحكومة ‬هو زيادات صاروخية في‮ ‬الأسعار أحدثت تذمّرا‮ ‬غير مسبوق، وما زال يشيع ‬أمام صمت حكومي‮ ‬غير مبرّر‮. طاولت هذه الزيادات أسعار المحروقات،‮ ‬والتي‮ ‬يعتبر رئيس الحكومة أكبر موزّعيها في‮ ‬المغرب،‮ ‬وسبق أن كان موضوع مقاطعة شعبية عارمة،‮ ‬كما أن مستخلصات أرباحه،‮ ‬وهو‮ ‬وباقي‮ ‬الموزعين‮ كانت موضوع لجنة‮ ‬تقصٍّ‮ ‬برلمانية،‮ ‬وموضوع أزمة داخل مجلس المنافسة‮،‮ ‬أدّت إلى تغيير رئيسه‮، ‬والإغلاق العملي‮ ‬للملف‮.

مجلس المنافسة

وفي‮ ‬هذه النقطة بالذات،‮ ‬والتي‮ ‬لا تتطلب‮ ‬غلافا ماليا لحلها‮، ‬ينتظر الرأي‮ ‬العام كيف سيتعامل رئيس الحكومة مع موضوع‮ ‬يوجد هو في‮ ‬صلبه‮. وقد‮ ‬يعطي‮ ‬صورة إيجابية عن إرادته السياسية في‮ ‬حالة التفاعل الإيجابي‮ ‬مع توصياتٍ لجنة أنشأها الملك للنظر في‮ ‬هذا الملف الشائك‮.‬ وقضية الأسعار في‮ ‬المغرب قد تؤزم السياسة، كما حدث في‮ ‬ثمانينيات القرن الماضي،‮ ‬وقادت إلى صفحة مؤلمة من صفحات سنوات الجمر والرصاص‮‬،‮ ‬بزيادات أقلّ من هاته الحالية‮.‬

صحيح أن الفترة كانت ‬ملتهبة، لكن الأسعار، مع وجود ضيق تنفس اجتماعي،‮ ‬قد تؤجج الوضعية،‮ ‬ومعها المناخ السياسي‮.‬
ومن مثالب هذا المناخ، ‬أيضا،‮ ‬الارتباك الذي‮ ‬ساد في‮ ‬الأسبوع الأول لتشكيل الحكومة بتعديلٍ هو الأسرع في‮ ‬تاريخ المغرب،‮ ‬وموضوعه أن الوزيرة المعينة في‮ ‬قطاع الصحة‮ ‬هي،‮ ‬في‮ ‬الوقت نفسه، عمدة أكبر مدينة في‮ ‬المغرب،‮ ‬الدار البيضاء‮.‬ وتبين أن تبرير تعديل هذا المنصب لم‮ ‬يكن مقنعا،‮ ‬لأن القول إن السبب هو صعوبة الجمع بين العمودية في‮ ‬أكبر مدينة والوزارة التي‮ ‬جعلها خطاب الملك في‮ ‬افتتاح البرلمان المهمة الرئيسية للحكومة أمرٌ كان معروفا‮، فقد سبق نيلها منصب العمودية تعيينها وزيرة،‮ علاوة على أن وزراء آخرين في‮ ‬وضعيتها نفسها في‮ ‬مدنٍ ذات أهمية كبيرة، كمراكش‮.‬ ‬

وزير الصحة

والرأي‮ ‬العام‮ ‬ينتظر توازي‮ ‬الأشكال القانونية لتشابه وضعية وزيرة الصحة مع وضعية وزيريْن آخرين‮.‬ وقد بدا واضحا أن رئيس الحكومة لم‮ ‬يلتقط الإشارة الواردة في‮ ‬خطاب ملك البلاد، جعل هذا القطاع استثنائيا في‮ ‬أفق تحقيق السيادة الصحية‮. وقد اعتبر نص الخطاب أن‮ “‬التحدّي‮ ‬الرئيسي‮ ‬هو القيام بتأهيل حقيقي‮ ‬للمنظومة الصحية،‮ ‬طبقا لأفضل المعايير،‮ ‬وفي‮ ‬تكامل بين القطاعين، العام والخاص‮”،‮ ‬على قاعدة‮ “عودة قضايا السيادة إلى الواجهة‮، ‬في‮ ‬مختلف أبعادها‮‬،‮ ‬الصحية والطاقية‮‬،‮ ‬والصناعية والغذائية‮..”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى