مجتمع

البوحسيني والجزولي يعلنان بيانا للرأي العام اعتراضي بشأن بلاغ نقابة التعليم العالي فيما بات يعرف ب”الجنس مقابل النقط”

في هذا البيان، الموقع من طرف كل من الأستاذة والفاعلة الحقوقية والنسائية والباحثة لطيفة البوحسيني، والفاعل الحقوقي والباحث والناشط المدني، عدنان الجزولي، عناصر مؤسسة في النظر لدور النقابة ووظيفتها ومنطلقاتها، نقابة مدافعة ع المنتمين لها تحسين شروط وظيفتهم،  في التفاعل مع قضايا مجتمعية، وذات خصوصية، ومنها تلك التي ترتبط بسلوك فردي، ولا علاقة للجماعة بها، لا علاقة لها باالفئة المنقبة، ومنها اليوم، ما بات يعرف بقضية “الجنس مقابل النقط”.
البيان الموقع، يعتبر بلاغ النقابة الوطنية للتعليم العالي، وهو يدافع فيه عن هيئة الأساتذة الباحثين بدعوى أن التحرش ظاهرة موجودة في مختلف المؤسسات، هو عذرا أقبح من الزلة. وكأن لسان حال البلاغ يقول، لا داعي للتصدي لها ولا لمحاسبة المسؤولين عنها، إذ حتى وإن قُمنا بذلك، فلن نوقف “الظاهرة”، فلنترك الحبل على الغارب. بل الأدهى، يضيف البيان الموقع من طرف لطيفة البوحسيني وعدنان الجزولي، هو أن البلاغ اختار خلط الأوراق، واعتبر أن هذه “مؤامرة” ضد هيئة الأساتذة “للتشويش وتعطيل أجرأة الاتفاقات السابقة بين النقابة الوطنية للتعليم العالي والوزارة الوصية، وخاصة مشروع مرسوم النظام الأساسي الجديد الذي صادقت عليه اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي بعد الجولة التواصلية التي قام بها المكتب الوطني خلال شهر مارس السابق”.
البوحسيني
الاستاذة والفاعلة الحقوقية لطيفة البوحسيني
البيان الموقع/ أكد أنه لسنا بحاجة إلى بلاغ للدفاع عن سمعة الأساتذة وكأننا كلنا ذلك الأستاذ، فسمعة الأستاذ شأن فردي يُبنى ويترسخ عبر سلوك يومي، تتداخل فيه أبعاد ومستويات متعددة، فيها ما هو تعليمي/تكويني، وما هو علمي/أكاديمي، وما هو أخلاقي/قيمي. وكل أستاذة وكل أستاذ، يبني سمعته بنفسه وبمجهوده الفردي، وينال ما يستحق، إيجابيا أو سلبيا، استحسانا أو إدانة.وحتى نضع قارئ “دابا بريس” أمام بيانا فعلا مؤسس في ما هو حلال بالنسبة للنقابات والهيئات الحقوقية والسياسية حتى، نعيد نشره كاملا.
عدنان
الاستاد والفاعل الحقوقي عدنان الجزولي

وفيما يلي نص البيان:

تفاعلا مع ما بات يعرف بقضية “الجنس مقابل النقط”، أصدر المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي بلاغا بتاريخ 20 دجنبر 2021. وهو بلاغ بدا الغرض منه بالأساس الدفاع عن هيئة الأساتذة الباحثين من “حملة التشهير” التي يتعرضون لها، وليس التعبير عن موقف واضح من فضيحة يبدو أنها ليست الأولى، كما أنها ليست الأخيرة. فضيحة سطات فتحت الباب على مصراعيه، لتتناسل فضائح أخرى من مؤسسات جامعية مختلفة. وهو ما يؤكد أن المرض استفحل، وأن الجُعبة امتلأت عن آخرها وكانت تتحين الفرصة لتُخرج ما فيها.

هذه الفضيحة ليست الأولى، إذ سبق وأن طفت على السطح أخبار مماثلة عن فضائح مشابهة، سرعان ما كان يتم الالتفاف عليها وخنقها، حتى تتم حماية المُتلبّس ب”الجُرم” ورعاية مصالحه، بدل السعي لحماية الضحايا، في إطار منظومة تُقلل من الآثار الوخيمة للتحرش على ضحاياه.

حشومة

عرفت هذه القضية طريقها إلى العدالة لتقول بشأنها كلمتها، بعد إجراء التحقيق والبحث للتأكد من الأفعال المنسوبة إلى من اتُهموا بها وترتيب الجزاء بناء على ما سيراه القضاء مناسبا في إطار ما ينص عليه القانون.

سارت بهذه الفضيحة الرُكبان، وصارت تفاصيلها متداولة على كل الألسن، بالضبط كما حدث ذات فضيحة أخرى في بداية التسعينات، فيما عُرف حينها بقضية الكوميسير ثابت. وهذا التداول الواسع لها هو ما جعل المكتب الوطني للنقابة يُصدر بلاغا. والحال أنه كان ممكنا ألا يفعل، ما دامت القضية لا تدخل بالضرورة فيما عليه التفاعل معه. ببساطة، هذه الفضيحة لا تهم الأساتذة الباحثين كهيئة، بل تهم المعنيين بها كأفراد تصرفوا من منطلقات ذاتية شخصية، فردية، وما عليهم إلا أن يتحملوا مسؤولية تصرفهم وأن يدافعوا عن أنفسهم وأن يدفعوا عنهم التهم المنسوبة إليهم، ما داموا يوجدون اليوم بين أيدي العدالة. كل ما يمكن الدفاع عنه والحالة هذه، هو أن تتوفر لهم شروط المحاكمة العادلة، مما لا تتردد المنظمات الحقوقية في التأكيد عليه.

أما وأن يُصدر المكتب بلاغا يدافع فيه عن هيئة الأساتذة الباحثين بدعوى أن التحرش ظاهرة موجودة في مختلف المؤسسات، فهذا لعمري عذر أقبح من الزلة. وكأن لسان حال البلاغ يقول، لا داعي للتصدي لها ولا لمحاسبة المسؤولين عنها، إذ حتى وإن قُمنا بذلك، فلن نوقف “الظاهرة”، فلنترك الحبل على الغارب. بل الأدهى هو أن البلاغ اختار خلط الأوراق، واعتبر أن هذه “مؤامرة” ضد هيئة الأساتذة “للتشويش وتعطيل أجرأة الاتفاقات السابقة بين النقابة الوطنية للتعليم العالي والوزارة الوصية، وخاصة مشروع مرسوم النظام الأساسي الجديد الذي صادقت عليه اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي بعد الجولة التواصلية التي قام بها المكتب الوطني خلال شهر مارس السابق”.

ممتاز

بدل أن يُدين البلاغ، الظاهرة بشكل واضح وصريح، فضَّل أن يستغل الفرصة للدفاع عن الأساتذة، مُساهما من حيث لا يدري في جعلهم يحتمون في قلعة/هيئة تتمترس حول مصالحها الفئوية وتُحولها إلى امتيازات، ضاربا عرض الحائط أهمية الربط بين التشبث بالقيم والدفاع عن المصالح، بالشكل الذي لا يُقيم تناقضا أو تعارضا، ولا يضحي بالأولى لصالح الثانية.

إن المثير في البلاغ ليس فقط دفاعه عن هيئة، وكأنها مكونة فقط من الرجال، وكأن كل الرجال من بين الأساتذة لهم نفس التعاطي مع قضايا من هذا القبيل. إذ ناهيك عن كون الهيئة مُكونة كذلك من النساء الجامعيات، فمكوناتها (نساء ورجالا) ليست لها بالضرورة نفس الحساسية ولا نفس طريقة التعاطي ولا نفس التقدير. لذلك، ليس مطلوبا من النقابة أن تُعلن موقفا في قضية لا تدخل في مجال اختصاصها وغير مُخول لها التعبير عن موقف بخصوصها، بدعوى أن المعنيين بالأمر ينتمون إلى الهيئة التي نصبتها وصوتت عليها للدفاع عن مصالحها.

نقط

من المفروض في النقابة أن تُدافع عن المصالح المادية للأساتذة الباحثين (نساء ورجالا) وليس من اختصاصها الدفاع عن الرجال من بين الأساتذة بخصوص تصرفات وسلوكات ذاتية، هم وحدهم مسؤولون عنها بشكل فردي ولا علاقة للجماعة بها. فهذه سلوكات “مشينة” كما وصفها البلاغ، ولذلك لا يجب أن نشعر أننا معنيين بها ما دُمنا نثبت عكسها في سلوكنا وتصرفاتنا. فليس كل الأساتذة معنيين ولا كل الرجال كذلك…بوضوح لا لُبس فيه، المعنيون هم من اختاروا التحرش سلوكا، والابتزاز تصرفا، وعاثوا في الجامعة فسادا في غياب أي رادع وخصوصا في ظل الإفلات من المساءلة.

لسنا بحاجة إلى بلاغ للدفاع عن سمعة الأساتذة وكأننا كلنا ذلك الأستاذ، فسمعة الأستاذ شأن فردي يُبنى ويترسخ عبر سلوك يومي، تتداخل فيه أبعاد ومستويات متعددة، فيها ما هو تعليمي/تكويني، وما هو علمي/أكاديمي، وما هو أخلاقي/قيمي. وكل أستاذة وكل أستاذ، يبني سمعته بنفسه وبمجهوده الفردي، وينال ما يستحق، إيجابيا أو سلبيا، استحسانا أو إدانة.

نحن بالأحرى، في حاجة لأن ندافع عن فضاء التكوين الجامعي ليرتقي لمستوى تضمحل فيه كل الممارسات التي يسقط فيها ضحايا من الطالبات بسبب التحرش بمختلف أشكاله، وضحايا من الطلبة الذين يُستغلون بطرق أخرى.

نحن بالأحرى، في حاجة لأن ندافع عن البيئة الجامعية لتظل مجالا للتحصيل العلمي القائم على قيم الجد والاجتهاد والاستحقاق والمنافسة الشريفة، بعيدا عن كل ما يشجع انتشار الممارسات المشينة ويُطبّع مع الفساد بكل أشكاله وأنواعه.

نحن بحاجة إلى نقابة، تستحضر دورها في الدفاع عن تحسين الشروط المادية للأساتذة حتى يضطلعوا بمهامهم كنخبة تقع على عاتقها مهمة إنتاج المعرفة بل ومهمة تنوير المجتمع والإعلاء من القيم النبيلة التي يستحيل في غيابها النهوض بالبلاد والعباد.

لطيفة البوحسيني: أستاذة التعليم العالي
عدنان الجزولي: أستاذ التعليم العالي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى