الرئسيةفي الواجهةمجتمع

صحيفة “لوموند”: تحقيق صحافي..المغرب وجهة هجرة جديد للسودانيين وحكاية عصام مع طريق هجرة شائكة

تغير مسار الهجرة لهؤلاء الأفراد المتحدرين في الغالب من دارفور وكردفان وهما منطقتان تعانيان من نزاعات ويأتي بعضهم أيضاً من جنوب السودان البلد الذي دمرته حرب أهلية والوجهة المغرب كبلد عبور لأوربا بديلا عن ليبيا

نشرت  صحيفة “لوموند” الفرنسية تحقيقا صحافيا في قضية تحول المغرب إلى وجهة السودانيين للهجرة إلى أوروبا، وأشارت الصحيفة أن السودانيين  الراغبين في  الهجرة إلى أوروبا يحاولون العبور لها اليوم عن  طريق المغرب، حيث يدفعهم الوضع في السودان الذي يزداد عنفا، فضلا عن ما باتت ليبيا تشكله من تهديد للمهاجرين،  للبحث عن طريق بديل للهجرة نحو دول الاتحاد الأوبي.

استندت الصحيفة  إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حيث أكدت أنه في شهر يونيو  سجلت وجود 1350 طالب لجوء من جنسية سودانية في المملكة، في مقابل 150 طلب سجل قبل سنة.

المصدر ذاته، أشار  إلى حالة محددة: “عصام الذي يده ملفوفة في جبيرة ويعاني من آلام في الكتف ومصاب في الرأس حيث يشفى ببطء، هو الان  في الدار البيضاء، يحيث يواصل  هذا السوداني البالغ من العمر 22 سنة فترة نقاهته، بعد شهر من مشاركته في محاولة للعبور بالقوة إلى مليلة  شمال المغرب، التي  قتل  فيها  23 مهاجراً وفق السلطات في الرباط، و27  وفق تقديرات الجمعية المغربية لحقوق الإنسان”.

أفاد  التقرير من خلال تجربة عصام  طريق الهجرة الشائكة: “من هذه التجربة المأساوية، التي يحتفظ  عصام منها  فقط بعدد قليل من الصور العنيفة،  يتذكر أنه عندما تسلق السياج، تعرض إلى ضربات بهراوات من قبل الشرطة،  سقط ثم فقد وعيه,

يتذكر، أنه عندما استعاد وعيه، وضع في حافلة أرسلته إلى جنوب البلاد. ومنذ ذلك الحين، انتقل إلى الدار البيضاء،  حيث يتجول في الشوارع مع زملاء الطريق الذين، مثله، كانوا من بين نحو 1500 مهاجر حاولوا في 24 يونيو دخول مليلة التي تعتبر  الحدود البرية الوحيدة، مع  القارة الأفريقية  إلى جانب حدود سبتة، مع اسبانيا العضو في الاتحاد الأوروبي”.

استنادا لصحيفة “لوموند”،  التي أشارت أن تحولا يحدث في بنية انتماء  المهاجرين و الذين يتخذون المغرب طريقا لأوربا، حيث كشفت ان  عدد المهاجرين السودانيين باتوا اليوم  ظاهرة جديدة: تغيير مسار الهجرة لهؤلاء الأفراد، المتحدرين في الغالب من دارفور وكردفان، وهما منطقتان تعانيان من نزاعات. ويأتي بعضهم أيضاً من جنوب السودان، البلد الذي دمرته حرب أهلية. ونقلت عن حسن عماري، رئيس “جمعية مساعدة المهاجرين في وضع هش [مأزق]” ومقرها وجدة (شمال شرق)، قوله: “إن وجود السودانيين في المغرب جديد تماماً. رأينا الموجات الأولى تأني من الحدود الجزائرية في صيف 2021. في السابق، كان عددهم ثانوياً”.

تشير سارة بريستاني، من منظمة يوروميد للحقوق غير الحكوميةغير أنه بوجود الخندق الجزائري من جهة والحاجز المغربي من جهة أخرى باتت هذه الحدود ممرا معقدا،: “غالبًا ما يمر المهاجرون عبر الجبال. يمكن أن يتم تجريدهم من ملابسهم واعتقالهم من قبل الشرطة الجزائرية أو من قبل الشرطة المغربية التي تعيدهم إلى الجزائر. يتم الزج بالبعض في تجارة المخدرات”.

هل تعكس التجاوزات ثغرات في سياسة المغرب تجاه الهجرة؟

ذكرت صحيفة لوموند، أنه  “تاريخياً، المهاجرين من السودان كانوا يختارون ليبيا،  البلد المتاخم للسودان وكانت طريقهم  للوصول إلى إيطاليا عن طريق عبور وسط البحر المتوسط”، على حد تعبير سارة برستياني، من منظمة “الحقوق الأوروبية المتوسطية” غير الحكومية، لكن العنف المتزايد الذي يواجهه المهاجرون في الأراضي الليبية دفعهم إلى اتخاذ طرق أخرى، وفق الناشطة المتخصصة في الهجرة حيث قالت: “إن عدم الاستقرار السياسي الشديد في ليبيا، مع سيطرة الميليشيات على المناطق التي يملك المهاجرون أموالاً لعبورها، والقمع في مراكز الاحتجاز، والدور المتزايد لخفر السواحل الليبي، الذي أوكلت إيطاليا إليه السيطرة على الحدود وعمليات الاعتراض في البحر”. ولذلك عقد كثر العزم على القيام بهذا الالتفاف الكبير عبر الجزائر والمغرب، تشجعهم الروايات الشفهية ويتناوب على نقلهم متاجرون.

أشارت  صحيفة لوموند في التحقيق ذاته،   أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كانت قامت بإحصاء في المغرب في يونيو فوجدت أن  1350 طالب لجوء ولاجئ سوداني، مقارنة بـ150 فقط قبل سنة.

ووجدت أيضا،ان  عدد المهاجرين السودانيين الذين يصلون إلى إيطاليا، انخفض  لا سيما من ليبيا، في السنوات الأخيرة، أضافت  برستياني: أنه في “عام 2018، كانوا يمثلون سبعة في المئة من الوافدين. واليوم، لم يعودوا حتى في صفوف الجنسيات الـ10 الأولى للمهاجرين إلى هناك”.

من خلال تجربة عصام، الذي غادر دارفور عام 2018. والذي لا يفصل  كثيرا عن  الأسباب التي قادته إلى الخروج: والتي فيها، وفاة والديه، والوحدة، والعوز، وديون عائلته، وضغوط الدائنين.

كانت لديه فكرة معينة عن أوروبا، التي تصورها  وكأنها “قارة حقوق الإنسان” و”جنة العالم”،  كانت وجهته الأولى مصر، ثم لم يتمكن من الوصول إلى أوروبا من هناك، وواصل طريقه إلى ليبيا، حيث كان الخطر والعنف له في المرصاد،  أخذه المتاجرون الذين دفع لهم المال لعبور الحدود عند معبر سلوم إلى الصحراء، إلى منزل يحرسه رجال مسلحون طلبوا فدية، وأخضعوه إلى عمل قسري بعد فشلهم في الحصول عليها. وفر بعد ستة أشهر ووصل إلى طبرق (شمال شرق). ولتأمين مصاريفه، وجد وظيفة في ورشة للحام الحديد.

أضاف تحقيق  صحيفة لوموند، في معرض سرده لتجربة عصام، أنه جمع المبلغ الذي طلبه مهربون للوصول إلى إيطاليا: ثلاثة آلاف دينار ليبي (615 دولاراً) للرحلة التي تبلغ 1250 كيلومتراً إلى طرابلس، وثمانية آلاف دينار لعبور البحر المتوسط،  وفي الطريق إلى العاصمة الليبية، توقفت الشاحنة الصغيرة في بني وليد، على بعد 160 كيلومتراً إلى الجنوب الشرقي من طرابلس. “لم يكن مخططاً لذلك. قال عصام، “كنت خائفاً جداً. رأيت أفارقة يباعون كعبد حيث جرى اقتيادي إلى إحدى الدور، وطُلب مني ألفا دينار مع تهديد بتقييدي وضربي وإرسال مقاطع فيديو إلى عائلتي لإرسال الأموال”. دفع عصام وذهب إلى الساحل.

ذكر تحقيق لوموند، أن  عصام أبحر من زوارة ذات مساء في ربيع 2021 على متن قارب خشبي على متنه نحو 250 مهاجراً، حوصر القارب بعد أن اقترب من ساحل لامبيدوزا في خفر السواحل الليبي،  واعتقل  عصام إ حيث مكث في السجن لمدة شهرين. يقول عصام، وفق الصحيفة، “كل ما يحدث هناك غير إنساني. السجناء يتضورون جوعاً حتى الموت، ولا يعالج المرضى. كنا نضرب باستمرار”، ما دفعه بمعية مع سودانيين آخرين للتفكير ووضع خطة للهرب، يقول عصام: “في صباح أحد الأيام، خلعنا الباب أطلقت الشرطة النار علينا، ووقع قتلى”.

يقول عصام وفق الصحيفة، نقلني  مهربون إلى مكان آخر، بعد أن  دفعت لهم أربعة آلاف دينار لعبور الجزائر، وفي حوالي  10 أيام تقريباً، وصلت إلى مدينة مغنية الحدودية، وهي واحدة من نقاط المغادرة الرئيسة للمهاجرين إلى المغرب.

نقل عصام إلى نوع من “غيتو”، وهو منزل سري حيث طلب منه 150 يورو (154 دولاراً) لعبور الحدود،  ونجح في العبور في المحاولة الثانية بعد فشل الأولى.

بحسب تحقيق صحيفة لوموند، يوجد اليوم عصام  في الدار البيضاء، حيث ينتظر  استعادته عافيته، قبل أن يعاود سلوك الطريق إلى مليلة أو سبتة.

يعتبر عصام، استنادا لصحيفة لوموند الفرنسية، أن المغرب بالنسبة إليه ليس بلداً للاستقرار، حيث يقول:  “هنا، ننام في الشارع. لا نحمل أوراقاً ثبوتية ولا نملك فرصة عمل،  لا نرى احتمالات مستقبل أمامنا،  وفي بلدي، تجري  حرب “.

وفي سؤال للصحيفة، حول ما إذا كان  مستعداً لمعاودة محاولة الوصول إلى أوروبا؟ قال وفي جوابه نبرة يأس: “ليس لدي خيار”.، حتى لو عرض حياتهك إلى خطر، في سؤال للمحقق؟ أجاب: “سأحاول قدر الممكن مراراً وتكراراً طالما كان في وسعي ذلك”.

تؤكد الصحيفة، أنه بات الخوف من الاعتقال، سببا كافيا لذهاب مهاجرين اخريين  إلى الدار البيضاء أو الرباط، أو يستقرون في مخيمات في غابة غوروغو الصخرية، بالقرب من مليلية، حيث تعتبر ملجأ غير مستقر منذ سنوات عديدة للعديد من المهاجرين. وينتظرون هناك المحاولة التالية لعبور حدود مليلية  الذي أصبح من الصعب عبوره على مر السنين، بفضل أسواره الثلاثة ذات الروابط المتسلسلة والعسكرة المتزايدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى