يمثل الطريق السريع “تزنيت – الداخلة”، الذي يمتد على مسافة 1055 كيلومترًا، واحدًا من أضخم المشاريع التنموية التي تشهدها المملكة المغربية في الآونة الأخيرة، و يعد هذا الطريق من المشاريع الرائدة التي تمثل نقلة نوعية في البنية التحتية الوطنية، سواء من حيث الطول أو التكلفة أو المنشآت الفنية المعقدة التي يتضمنها.
بتكلفة إجمالية تتجاوز 1 مليار دولار أمريكي، يعكس المشروع التزام المملكة بتطوير المناطق الجنوبية وتعزيز الربط بين مدن الشمال والجنوب، بما يسهم في تحفيز الاقتصاد الوطني ورفع مستوى الحياة في هذه المناطق.
كما يمثل الطريق أيضًا عنصرًا أساسيًا في تحقيق رؤية المملكة لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الجنوبية، التي تعد محورية في استراتيجية المغرب لتعزيز التكامل بين مختلف جهاته الجغرافية، كما يسهم في تسهيل حركة المرور وتنشيط السياحة والتجارة بين المدن الرئيسية والمناطق النائية.
تجدر الإشارة أن تجهيز الطريق السريع يشمل بناء 1500 منشأة فنية مختلفة، تتنوع بين جسور وأنفاق وأعمال تصريف المياه وغيرها من المنشآت الهندسية التي تتطلب خبرات فنية وتقنية عالية، و يتمثل أبرز ما يميز هذا المشروع في حجم القناطر التي تم إنشاؤها، حيث يضم الطريق 16 قنطرة كبيرة تم تصميمها وفقًا لأحدث المعايير الدولية، و تعدّ من أبرز المعالم الهندسية التي تميز الطريق، وتساهم في ضمان سلامة المرور وسلاسة الحركة رغم التحديات الجغرافية والطقس القاسي الذي يمر به الجزء الصحراوي من الطريق.
من جهة أخرى تطلب إنجاز هذا المشروع العملاق، عمل أكثر من 300 مهندس وتقني وفرق عمل ميدانية ضخمة على مدار سنوات من التخطيط والتنفيذ، هؤلاء المهندسون التقنيون والمتخصصون في المجالات الهندسية المختلفة قد وضعوا بصماتهم على هذا المشروع الذي يتطلب توافر تقنيات عالية في مختلف التخصصات، من بناء الجسور إلى وضع الأساسات في الأراضي الصحراوية القاحلة، ويعتبر التعاون بين المهندسين المحليين والدوليين واحدًا من العوامل التي ساعدت على التغلب على التحديات الفنية واللوجستية التي واجهت عملية التنفيذ.
ختاما، إن الطريق السريع “تزنيت – الداخلة” يعدّ أكثر من مجرد مشروع بنية تحتية، إنه مشروع استراتيجي يعكس رؤية المغرب في بناء شبكة مواصلات متطورة تربط مختلف مناطق المملكة، وتساهم في تعزيز التنمية المستدامة والاقتصادية في الأقاليم الجنوبية، كما يمثل هذا الطريق رمزًا للتعاون المشترك بين المهندسين المغاربة والدوليين، ويُعدّ مثالًا على قدرة المملكة على إنجاز مشاريع ضخمة وناجحة، تعكس طموحاتها في أن تكون واحدة من القوى الاقتصادية المؤثرة في المنطقة.
