رأي/ كرونيك

       المغرب والإمارات : علاقات إخاء جديرة بالاقتداء  

وضعت المكالمة الهاتفية التي جرت بين  الملك محمد السادس ملك المغرب وأخيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية حدا للإشاعات التي تناسلت في الآونة الأخيرة عن تدهور مريع في العلاقات المغربية الإماراتية، وأوقفت النزيف الذي أصابها من جراء تضخيم مقصود للاختلاف الذي بدا في مواقف البلدين إزاء عدد من القضايا العربية والإسلامية، وما لبث أن انعكس سلبا على ملفات ثنائية كثيرة.

ولا شك أن الاتصالات السرية الرفيعة المستوى التي سبقت تلك المكالمة والحوار الذي تلاها أكد للطرفين معا أن التباين الذي يعتري مواقفهما حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك ممكن تجسير فجوته وتوسيع القواسم المشتركة حول قضاياه ؛ لأن الطرفين معا يؤيدان قرارات الشرعية الدولية ومواقف الجامعة العربية حول هذه القضايا، ويدعمان جهود المجتمع الدولي ومبعوثي الأمم المتحدة لتسويتها، ويبحثان عن تدعيم أسس السلام والاستقرار في كافة أرجاء الوطن العربي الكبير، سواء تعلق الأمر بالوضع في ليبيا أو في اليمن أو سوريا أو فيما يبيت للقضية الفلسطينية.

صحيح هنالك تباين واضح بين البلدين فيما يتعلق بكيفية التعامل مع تنظيمات الاستغلال السياسي للإسلام، ولكنه بعيد عن أن يكون جوهريا ؛ ومن ثم لا ينبغي أن يؤثر في طبيعة العلاقات الثنائية بين البلدين، خصوصا وأن كليهما يبدي تفهما لخصوصية الاخر في التعامل مع هذا الملف واحتواء نشاط التنظيمات المعنية بالأمر سياسية كانت أم دعوية.

إن هذا المعطى الذي حاول البعض النفخ فيه يشكل في حقيقة الأمر فرصة وليس عقبة يفترض في الجهات الرسمية والجهات الموازية لها في البلدين اغتنامها لاستئناف ليس فقط التواصل التقليدي الذي انقطع منذ مدة، ولكن للاجتهاد والإبداع  لابتكار أنماط تواصل وتعاون جديدة وفعالة تواكب الطموحات.

*إن المغرب الذي ظل في كل المناسبات يعبر عن اعتزازه وتقديره للدعم المادي والمعنوي الممنوح له دوما من سلطات أبو ظبي فيما يتعلق بالذود عن وحدته الترابية والمساهمة المادية بالمنح والقروض مدعو إلى التفكير في القيام ب :

/ خطوة رمزية بالعمل على تسمية مكان عمومي باسم أحد رموز دولة الإمارات العربية المتحدة. والمقترح في هذا الصدد تسمية شارع النخيل في حي الرياض بالرباط باسم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فهو من أرقى شوارع الرباط، ويحمل اسم النخيل تلك الشجرة العزيزة على الراحل الكبير. ومن شان خطوة كهذه أن تعيد فتح ملف قرار الشيخ زايد قبل رحيله منح المغرب مليون نخلة، وهو الملف الذي طواه النسيان لاعتبارات بيروقراطية ليس إلا.

/ دراسة إمكانية منح دولة الإمارات العربية المتحدة وضعية الدولة الأكثر رعاية في العديد من المجالات، وذلك لأن خطوة كهذه سيكون لها أثر إيجابي كبير في زرع المزيد من الثقة والمصداقية في السوق المغربية وإمكانياتها لدى الكثير من الأوساط المستثمرة والتجارية في الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج عموما.

* وبالمقابل فإن دولة الإمارات العربية المتحدة التي تنوه دوما بمواقف المغرب المؤيدة لها في مساعيها السلمية  لاسترجاع جزرها المحتلة، وتثمن عاليا جهوده عبر عقود من الزمن في تطوير قدراتها الأمنية والعسكرية مدعوة هي أيضا إلى :

/ تشجيع الاستثمارات العمومية والخاصة في السوق المغربية لإثبات أن المعطيات السياسية والدبلوماسية لا تؤثر في المعاملات الاقتصادية والتجارية القائمة بين البلدين  على أساس قاعدة رابح / رابح.

/ مواصلة أنشطة العمل الإنساني والخيري وتنويع المجالات والجهات المستفيدة منها بالتوجه إلى المناطق النائية، وخاصة حيث ما تزال بصمات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قائمة.

إن من شأن خطوات كهذه، وخطوات أخرى لا شك ستظهر مع استئناف التواصل ستعيد لمحور الرباط ابو ظبي حيويته المعهودة كقاطرة للعمل العربي المشترك الذي يعاني في الآونة الراهنة فراغا مهولا. فهذا المحور يستطيع رأب الصدع في العلاقات العربية العربية برمتها بما يمكنها من قطع الطريق على كل نزعات الهيمنة السافرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، ومن التصدي لقوى الظلام والتطرف الراغبة في خطف العالم العربي والإسلامي ووضعه في مواجهة الإنسانية بأسرها بدلا من أن يكون جزءا من حضارتها يفيدها ويستفيد منها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى