سياسة

إلى اين يتجه التعديل الحكومي المرتقب الذي لا يشكل تحولا جوهريا في الحقل السياسي

لم تعد أمام سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، كثير من الوقت، لعرض مقترحه فيما يخص التعديل الحكومي، الذي طالب به الملك محمد السادس، في خطاب العرش الأخير، حين قال: “المرحلة الجديدة ستعرف إن شاء الله، جيلا جديدا من المشاريع. ولكنها ستتطلب أيضا نخبة جديدة من الكفاءات، في مختلف المناصب والمسؤوليات، وضخ دماء جديدة، على مستوى المؤسسات والهيآت السياسية والاقتصادية والإدارية، بما فيها الحكومة”، وأضاف في نفس السياق: قائلا: “وفي هذا الإطار، نكلف رئيس الحكو مة بأن يرفع لنظرنا، في أفق الدخول المقبل، مقترحات لإغناء وتجديد مناصب المسؤولية، الحكومية والإدارية، بكفاءات وطنية عالية المستوى، وذلك على أساس الكفاءة والاستحقاق”.

العثماني، كان صرح بأنه لا يوجد أي “بلوكاج” فيما يخص التعديل الحكومي داخل أغلبيته، وأكد أن ما يروج بهذا الخصوص “مجرد دعاية”، وشدد  في كلمة له أثناء أشغال الملتقى الجهوي النسائي لحزبه بالبيضاء، أن الأمور “تسير بشكل عادي وليس هناك أي “بلوكاج” ولا تأخر، وكل ما يتم الترويج له في هذا الإطار مجرد دعاية”، مضيفا أن “المرحلة الأولى انتهت وهي المرحلة الخاصة بإعداد هيكلة جديدة يراعى فيها تقليص عدد أعضاء الحكومة”.

مقابل تصريحات العثماني، الأمناء العامون  للأحزاب التي تشكل الأغلبية الحكومية، لا تقول ذلك، بل تتجه تصريحاتها لقول عكس ما يصرح به رئيس الحكومة، وتذهب في تصريحاتها للتأكيد، من جهة أنه لا توجد أية مشاوارات في الموضوع، وعبر جلهم  عن استيائهم من طريقة وأسلوب العثماني، في  إدارة الملف، وقالوا، إن العثماني يناقش الموضوع مع حزبه، أكثر مما يناقشه معهم، وذهب بعضهم إلى الاستغراب من تصريحات، الناطق الرسمي للحكومة، مصطفى الخلفي، والذي أشار من خلالها أن العثماني، يجري مشاورات مستمرة مع زعماء الأغلبية، ومقابل هذا النفي، كان صرح رئيس الحكومة، وهو متوجه لنيويورك لتمثيل الملك في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنه سيعلن فور عودته، عن تفاصيل التعديل.

واستنادا على ما نشر في  الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية، فإن العثماني أكد أن “التعديل الحكومي يتم تدبيره بطريقة سليمة وسلسة”، مضيفا أنه سيخرج للعلن في الوقت المناسب، وأفاد وفق المصدر نفسه، أنه تم الانتهاء من المرحلة الأولى المتعلقة بالهيكلة الجديدة للحكومة، في انتظار البدء في المرحلة الثانية والمتعلقة بالأسماء المرشحة للحقائب الوزارية.

والحقيقة، أن العثماني، لا يتواجه في موضوع التعديل الحكومي المرتقب مع أحزاب الأغلبية الهشة فقط، بل يتواجه مع إشكاليات أخرى تهم، من جهة معنى ومدلول الكفاءات، هل هي كفاءات توجد في الأحزاب، أم هي كفاءات تكنقراط، وسيجري صبغها بألوان حزبية، ومن هي هذه الأحزاب، التي سيجري ضخها بهذه الكفاءات، وإن كانت كل المؤشرات تؤكد، أن حزب التجمع الوطني للأحرار هو الحزب المعني بهذه العملية، من جهة ثانية يواجه العثماني، ما سماه عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السياسية في تصريح للأناضول بالمحدد الدستوري، حين قال:: “إنه “يعطي رئيس الحكومة سلطة الاقتراح المبني على المشاورات مع مكونات الأغلبية الحالية، وثانيها مرتبط بالإطار الذي وضعه الملك في خطاب العرش الأخير وحديثه عن الكفاءات”.

و في التصريح ذاته، اعتبر  اليونسي أن “غالبية أحزاب التحالف الحكومي بمثابة آلة الصبغ السياسي للتكنوقراط (مسؤولون بلا انتماء سياسي)، باستثناء العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية وإلى حد ما الاتحاد الاشتراكي”.

أما ثالث محددات التعديل الحكومي، وفق اليونسي، فهو “طبيعة مشاورات تشكيل الحكومة، حيث تلعب فيها الملكية دورًا مؤثرًا، باعتبار أن الملك يملك سلطة التعيين””.مؤكدا أن “التعديل الحكومي لا يمثل في حد ذاته تحولًا جوهريًا في الحقل السياسي المغربي، بل فقط انعكاس لموازين قوى، حيث الملكية هي محور العملية السياسية بمدخلاتها ومخرجاتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى