مجتمع

استحقاقات 2021.. تمثيلية نسائية قوية من أجل تحقيق مناصفة فعلية

تشهد الاستحقاقات العامة لثامن شتنبر الجاري، حضورا لافتا للعنصر النسائي، وهو ما يعكسه التقدم الملحوظ المحقق على مستوى الترشيحات النسائية. ولا شك أن هذه المشاركة الوازنة، سواء على مستوى الانتخابات التشريعية أو الجماعية أو الجهوية، تعد إشارة قوية ومكسبا ديمقراطيا يروم تعزيز التمثيلية النسائية في المشهد السياسي الوطني.

وقد حققت تمثيلية النساء في الحياة السياسية تقدما ملموسا في المغرب بفضل الإصلاحات والاستراتيجيات التي وضعتها المملكة، والتي تهدف بالأساس إلى تحقيق المناصفة بين الجنسين، كمبدأ توجيهي يتقاطع مع مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية.

ومن أجل تجسيد هذا المبدأ وتعزيز التمثيلية النسائية في المشهد السياسي، أدرك المغرب، على غرار مختلف البلدان على المستوى الدولي، أنه لا يمكن تحقيق أي تنمية فعلية دون المشاركة الفعالة للمرأة في تدبير الشأن العام.

وفي هذا الصدد، أكدت السيدة أمينة التوبالي، عضو ائتلاف ” المناصفة دابا “، أن ” مبدأ المساواة يوجد في صلب الديمقراطية، وأن المغرب اعتبر الخيار الديمقراطي نهجا لا رجعة فيه “، لافتة إلى أن التعديلات التي طالت القوانين التنظيمية المؤطرة للمنظومة الانتخابية بفرض مجموعة من المقتضيات من أجل تعزيز حضور النساء في المجالس الانتخابية المقبلة يعتبر من المكاسب التي حققتها التمثيلية النسائية في الحياة السياسية.

وفي إشارة إلى حضور العنصر النسائي في المشهد السياسي الحالي، أوضحت السيدة التوبالي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن ” الإرادة الملكية الرامية إلى النهوض بالمساواة بين الجنسين وترسيخ المناصفة ساهمت بشكل كبير في الارتقاء بوضعية النساء في العديد من المجالات، منها الشأن السياسي “.

وأضافت أن ” القيمة المضافة لتطور التمثيلية النسائية في الحياة السياسية ستساعد على الارتقاء بالمغرب دوليا فيما يتعلق باحترام قضايا المساواة بين الجنسين “.

وتابعت قائلة ” من المؤكد أنه سيتم تكريس مزيد من التمثيلية مستقبلا، كما سيتضاعف الحضور النسائي في مختلف المحطات المقبلة، وذلك في أفق تحقيق مناصفة شاملة بحلول سنة 2030 بما ينسجم مع أجندة أهداف التنمية المستدامة التي التزمت بها المملكة المغربية “.

ووفقا لالتزاماته الدولية، سجل المغرب تقدما ملحوظا في النهوض بحقوق الإنسان بشكل عام، وبحقوق المرأة بشكل خاص. ومن هذا المنطلق، اعتمدت المملكة تدريجيا تشريعات تهدف إلى وضع هدف تحقيق المناصفة في صميم السياسات العامة والبرامج الاستراتيجية التنموية، باعتبارها واجبا أخلاقيا واهتماما بالعدالة والإنصاف.

وفي سياق متصل، قال الباحث الرئيسي في مركز الدراسات حول مساواة النوع والسياسات العمومية بالرباط، السيد العربي يعيش، في تصريح مماثل ، إن “المناصفة أضحت توجها عالميا، وأفقا لمختلف المجتمعات الإنسانية، والمغرب لا يمكنه أن يبقى في معزل عن هذه الدينامية العالمية “.

وأوضح السيد يعيش قائلا ” لقد بلغ المغرب الآن مرحلة لا رجعة فيها، حيث أضحت نسبة النساء تبلغ الثلث في عدد من المجالس المنتخبة بالجهات والعمالات والأقاليم والجماعات التي ينتخب أعضاؤها عن طريق نمط الاقتراع باللائحة، وكذا مؤسسات أخرى كالبرلمان “.

وأضاف أن ” تطور إدماج النساء في الحياة السياسية سيكون له تأثير إيجابي على الوضع الاقتصادي، وكذا على مستوى الريادة النسائية، لأن التنمية تكون بإشراك مختلف شرائح ومكونات وقوى المجتمع، ومن المعلوم أن النساء تشكلن نسبة تزيد بقليل عن النصف في المغرب “.

وفي هذا الصدد، اعتبر السيد يعيش أن ” إدماج النساء في الحياة السياسية يفضي إلى إبراز قيادات نسائية تتمتع بالكاريزما، وتساهم في تكوينها، كما أظهرت ذلك الانتخابات التشريعية والمحلية، حيث كشفت عن عدد من النساء اللواتي يتمتعن بمؤهلات قيادية هامة وحضور وازن وقدرة كبيرة على النقاش والإقناع “.

وعلاوة على ذلك، يضيف الخبير، “سيؤدي تعزيز حضور المرأة في المشهد السياسي، إلى تعزيز التنمية الاقتصادية في البلاد، كما تؤكد ذلك عدد من الدراسات، شريطة توفر عناصر من قبيل الكفاءة، والقوة، والشهادات الجامعية، والأجواء الإيجابية. كما ستؤدي هذه التمثيلية النسائية إلى مزيد من الاستقلالية الاقتصادية والمالية للمرأة عن الرجل، وبالتالي إلى استقلالها فكريا “.

من جهة أخرى، شهد حضور المرأة المغربية في المشهد السياسي الوطني، منذ تعديل الدستور سنة 2011، وما أعقبه من انتخابات تشريعية، تناميا ملحوظا. إذ انتقل المغرب من ثلاثين مقعدا التي كانت مخصصة للنساء بمجلس النواب سنتي 2002 و2007 إلى ستين مقعدا ابتداء من سنة 2011، وهو ما يعني مضاعفة عدد المقاعد المخصصة لهن بشكل حصري.

يذكر أنه خلال الانتخابات التشريعية لسنة 2016، فازت 81 امرأة مقابل 67 في انتخابات 2011، مما يعني أن نسبة الحضور بلغت 20,5 في المائة مقابل 17 في المائة المسجلة سابقا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى