اقتصادسياسة

الجزائر تلمح بوقف إمدادات الغاز الطبيعي لإسبانيا وعلى استعداد لخسارة الملايير ضدا في المغرب

الجزائر مستعدة لخسارة الملايير، وهي تلمح بوقف إمدادات الغاز الطبيعي لإسبانيا، المهم هو أن يتكبد المغرب، بدوره، الخسارة، أو بمنطق علي وعلى أعدائي، يتجه النظام العسكري الحاكم بالجزائر، إلى دفع البلد إلى تكبد خسارة كبيرة جراء تعنته، وإصراره على وقف إمدادات الغاز الطبيعي لإسبانيا.

إذ في ظل تصاعد الأزمة بين الجارين الجزائر والمغرب، والتي أضحت بظلالها على المجال الاقتصادي مع بعض دول الاتحاد الأوروبي، لمحت الجزائر إلى إمكانية وقف ما تضخه من غاز طبيعي لإسبانيا والبرتغال، والذي يقدر بمليارات المترات المكعبة عبر خط أنابيب يمر عبر الأراضي المغربية، وتستفيد منه الرباط لسد 97 بالمئة من احتياجاتها من الغاز، وذلك بعد انتهاء العقد المبرم بين الجزائر ومدريد في 31 أكتوبر المقبل. وهي خطوة يقدر العديد من الخبراء أن تعود بخسارة كبيرة على الجزائر.

وأشارت وكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب) إلى أن الجزائر لمّحت إلى إمكانية وقف عمليات ضخ مليارات المترات مكعبة من الغاز الطبيعي الذي تمد به إسبانيا، منذ ربع قرن، عبر خط أنابيب يعبر المغرب بسبب التوترات بين الجارتين.

ومع انتهاء صلاحية العقد الذي يربط بين الجزائر ومدريد في 31 أكتوبر المقبل بات هناك تهديد فعلي بقطع الإمدادات إلى إسبانيا مع حلول فصل الشتاء وارتفاع أسعار هذه المادة في أنحاء أوروبا، حسب خبراء.

وبالرغم من تواتر الأزمات بين البلدين فإن خط الأنابيب التابع للشركة المغاربية الأوروبية الممتد على طول 1400 كلم والذي يربط حقول الجزائر أول دولة مصدرة للغاز في أفريقيا بشبه الجزيرة الإيبيرية، تمكن من ضخ 12 ملياراً من الأمتار المكعبة سنويا.

وتم تدشين العقد بين الطرفين في العام 1996 ورُسم مسار الأنابيب على الأراضي المغربية بقرار من الرئيس الجزائري السابق الشاذلي بن جديد ليكون ذلك حجر الأساس لمستقبل اتحاد المغرب العربي.

ويعتبر الخبير الجيوسياسي في منطقة المغرب العربي، جوزف بورتر، أنه “من غير المتوقع أن يتم تمديد العقد إلى ما بعد 31 أكتوبر. من الصعب تصوّر منهج للمفاوضات مع غياب القنوات الدبلوماسية بين الرباط والجزائر”. وقطعت الجزائر في 24 غشت الفائت العلاقات الدبلوماسية مع المغرب متهمة المملكة بارتكاب “أعمال عدائية” واعتبرت الرباط القرار “غير مبرر”.

“الخاسرون الكبار”

ويقدر خبراء أن خط الأنابيب للشركة المغاربية الأوروبية يصب في صالح الجارتين. تتمكن الجزائر من نقل حوالي نصف صادراتها نحو إسبانيا والبرتغال مقابل تعرفة منخفضة.

وفي المقابل، تأخذ الرباط حصة من الغاز الطبيعي تقدر بمليار متر مكعب ما يمثل 97% من احتياجاتها وفقا لبورتر.

وقرّرت الجزائر، حسب المصدر ذاته، اختيار الطريق التي تعتبرها الأكثر إيلاما للمغرب، وهي العائدات المالية. لكن “للجزائر التزامات (تجاه إسبانيا والبرتغال) ولا يمكنها التخلي عن هذه المداخيل الدولية لعقودها”، حسب المحلل روبرت كارفالو.

لو تخلت الجزائر عن خط الأنابيب هذا “ستكون الخاسر الأكبر”، حسب خبير مغربي في الطاقة فضل عدم الكشف عن هويته واعتبر أن الجزائر “مهددة بخسارة مليارات الدولارات”. ومكن هذا الخط المغرب في العام الفائت من جمع 50 مليون دولار حسب الخبير المغربي. ولو تخلت الجزائر عن هذا المشروع أمام الجزائر خياران لكل منهما سلبياته.

يتمثل الخيار الأول في أن يربط خط الأنابيب البحري مدغاز منذ العام 2011 الغاز الجزائري بإسبانيا، لكن طاقته القصوى تبلغ 8 مليارات متر مكعب في السنة ما يمثل نصف الصادرات الجزائرية السنوية نحو إسبانيا والبرتغال.

وقرّرت كل من الشركة الجزائري “سوناطراك” التابعة للدولة وشريكها الإسباني “ناتورجي” رفع طاقة الإنتاج إلى 10 مليارات متر مكعب في العام لكن يبقى ذلك غير كاف.

“سلاح اقتصادي”

أما الخيار الثاني، فيتمثل في تكثيف إرسال الغاز السائل عبر القنوات البحرية لكن “هذا غير مجد اقتصاديا”، وفقا لبورتر. ويتابع “لحرمان المغرب من مصدره الأساسي للتزود بالغاز، ستخسر الجزائر مستقبلا جزءا كبيرا من عائداتها المالية من تصدير الغاز”.

كما يرى الخبير أن المغرب التي تستفيد من الغاز العابر لأراضيها لتشغيل مولدات حرارية لإنتاج 10 في المئة على الأقل من الطاقة الكهربائية، يمكن أن تشهد وارداتها من الفحم ارتفاعا. وقد يتسبب توقف الأنابيب باضطرابات في إمدادات إسبانيا. ومنحت الجزائر “ضمانات” للإسبان حسب مدريد من أجل “أن لا تتأثر عمليات التزويد من الجزائر” بسبب الأزمة مع الرباط. ويرى الخبير كارفالو أنه “على المدى الطويل، فإن توظيف الغاز كسلاح اقتصادي ليس بالمعادلة الجيدة بالنسبة للجزائر” لأن إسبانيا قد تحاول خفض اعتمادها على الجزائر وتنويع مصادرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى