الرئسيةمنوعات

حرب في كواليس الفن: تصريحات نارية تكشف صراع الأجيال في الدراما المغربية

شهدت الساحة الفنية المغربية مؤخراً جدلاً واسعاً بعدما تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى ميدان لتبادل الاتهامات وكشف الخلافات الداخلية بين الفنانين، في مشهد أثار استياء الجمهور الذي اعتبر الأمر إساءة لصورة الوسط الفني ككل.
المتابعون أكدوا أن الفن الحقيقي يُقاس بما يقدمه من أعمال هادفة وراقية، وليس بالصراعات العلنية التي تضعف مكانة الفنان وتشكك في مصداقيته.

في قلب هذا الجدل، جاءت تصريحات الفنانة القديرة فاطمة وشاي، التي انتقدت بشكل غير مباشر زميلتها دنيا بوطازوت، وذلك بعد الضجة التي رافقت ظهور الأخيرة في موسم رمضان الجاري، وسط اتهامات باحتكارها الشاشة وإقصاء عدد من الفنانين، بما فيهم خريجو المعاهد المسرحية،
وشاي لم تتردد في التعبير عن استيائها من تكرار هذه الظاهرة، مشيرة إلى أن هناك أسماء فنية وازنة تعاني من التهميش، بينما تفتح الأبواب أمام مجموعة من المحظوظين، وذهبت أبعد من ذلك حين أكدت أن الفنان الحقيقي يجب أن يحرص على اختيار أدواره بعناية، حتى لا يقع في فخ النمطية أو يجد نفسه في مواقف محرجة قد تؤثر على مسيرته، وهي إشارة فهمتها بوطازوت على أنها موجهة إليها، خصوصاً أنها الممثلة الوحيدة التي تعرضت لوعكة صحية أثناء التصوير استدعت نقلها إلى المستشفى.

الرد من بوطازوت لم يتأخر، حيث لجأت إلى حسابها على “إنستغرام” للرد عبر خاصية “الستوري”، مؤكدة أن الوسط الفني يعج بالحسد والغيرة، واستعارت المثل المغربي القائل “خوك في الحرفة عدوك”، في إشارة إلى أن تصريحات وشاي لم تكن سوى انعكاس لمشاعر الغيرة تجاهها.
لكن المفاجأة كانت في كشف بوطازوت أنها شخصياً سعت إلى إدراج اسم وشاي في الموسم الفائت من سلسلة “ولاد يزة”، وهو تصريح أثار موجة من ردود الفعل، حيث رأى فيه البعض دليلاً آخر على تفشي ظاهرة “الكليكات” والتحالفات في كواليس الإنتاج التلفزيوني، وهي الممارسات التي اعتبرها المتابعون سبباً رئيسياً في إقصاء العديد من المواهب.

في المقابل، اعتبر كثيرون أن وشاي، التي تتمتع بتاريخ حافل من الأعمال الناجحة، ليست في حاجة إلى وساطات أو دعم لفرض اسمها، فموهبتها وتجربتها الطويلة كفيلتان بمنحها مكانتها المستحقة في المشهد الفني، كما شددوا على أن الأصوات المطالبة بالعدالة في توزيع الفرص محقة، خاصة وأن الإنتاجات التلفزيونية الرمضانية تُمول من المال العام، ما يستوجب اعتماد مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الممثلين المحترفين، بعيداً عن العلاقات الشخصية والمصالح الضيقة.

وسط هذه النقاشات، عاد الجدل حول ظاهرة صعود “المؤثرين” وصناع المحتوى إلى الدراما التلفزيونية، وهو الأمر الذي أثار انتقادات حادة، حيث اعتبر الكثيرون أن هؤلاء الدخلاء ساهموا في تهميش خريجي المعاهد المسرحية الذين أفنوا سنوات من عمرهم في الدراسة والتكوين، بينما يتم منح الأدوار اليوم لمن يمتلك أرقام متابعين ضخمة على مواقع التواصل، حتى وإن كان ذلك على حساب جودة الأعمال ومستوى الأداء الفني.

كل هذه العوامل تؤكد أن أزمة الدراما المغربية أعمق من مجرد صراع بين فنانتين، بل هي انعكاس لصراع أوسع داخل الوسط الفني، بين جيل من الرواد والمبدعين الذين يطالبون بحقهم في التواجد على الساحة، وجيل جديد فرضته معايير مختلفة تركز على نسب المشاهدة والتفاعل الرقمي أكثر من التركيز على القيم الفنية، وبين هذين الطرفين، يبقى الجمهور هو المتضرر الأكبر، حيث يجد نفسه أمام إنتاجات لا تعكس دائماً تطلعاته، في ظل استمرار هذه التجاذبات التي تعيد طرح أسئلة جوهرية حول واقع ومستقبل الدراما المغربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى