الرئسيةميديا وإعلام

ترامب يستخدم نتنياهو أداة لصفقاته مع إيران وتركيا

عن “يديعوت” ترجمة “الأيام الفلسطنية”

يُفتح باب القسم الغربي من البيت الأبيض أمام الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فيخرج منه إلى الشارع. يرتدي بدلة غامقة، بربطة عنق حمراء وقميص ابيض. يفتح باب السيارة المكيفة. يخرج منها رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو. يرتدي بدلة غامقة، ربطة عنق حمراء، وقميصا ابيض. يرى ترامب أمامه ترامب. البدلة ذاتها، ربطة العنق ذاتها، القميص ذاته، أقصر بنصف رأس. مثل داني دي فيتو وارنولد سفارتسنغر في فيلم التوأم.

مثل امرأتين ارتديتا الفستان ذاته لعرس ما. هو لا يحب ما يراه. ما الذي تفعله إذ تخدعني بترامبي ذاتي. فهو يرى وكأنه يريد أن يقول لنتنياهو، لكنه يضبط نفسه. أما الغضب فينفسه فيه بعد ذلك في الغرفة البيضوية. تلقى نتنياهو هناك معاملة كما زيلينسكي. الأريكة الصفراء ذاتها، الجلسة الاضطرارية ذاتها، التوبيخ، الصمت، على طرف الأريكة، مثل السفير التركي في اللقاء مع داني أيلون.

عندما هبط الرئيس أوباما في إسرائيل، في آذار 2013، استقبله نتنياهو ببدلة مشابهة لبدلته، وبقميص مشابه لقميصه، وبربطة عنق مشابهة لربطته، بلون ازرق فاتح. عندما نزع أوباما الجاكيت ووضعه على كتفه، نزع نتنياهو الجاكيت ووضعه على كتفه. إن شئتم مثل صموئيل ل. جاكسون وجون تربولتا في فيلم «أدب رخيص». الرؤساء لا يحبون المشابهين الذين ينفثون في قذالتهم. لاحقا قال أوباما، انه عندما تحدث معه نتنياهو لم يكن واثقا من منهما هو الرئيس الأميركي ومن هو رئيس وزراء إسرائيل.

لا أدري ما الذي وعد به ترامب، إذا كان وعد، نتنياهو في موضوع ايران، ولا ادري ماذا تساوي وعود رئيس نزواته هي التي تتحكم به. لكن الحدث في واشنطن يمكن أن يطلعنا على الثمن الذي يدفعه رئيس وزراء على وضع كل البيض في سلة واحدة.

رئيس أميركي تقليدي كان سيفهم أن رئيس الوزراء ملزم بأن يعود إلى الديار مع شيء ما: إن لم يكن استثناء إسرائيل (من الجمارك) فعلى الأقل تعيين طاقم يراجع الأرقام، وان لم يكن هناك توافق على خطوة عسكرية ضد ايران فعلى الأقل تصريح مشترك قبيل المحادثات، وان لم يكن إبعاد تركيا عن سورية فعلى الأقل توافق على تقاسم مناطق النفوذ.

فلرئيس وزراء إسرائيل أيضا يوجد ناخبون هناك حاجة لإسعادهم.

لكن ترامب، بشرانية تتخفى في صورة سخاء، اختار أن يذكر نتنياهو أن إسرائيل تتلقى مساعدة من أميركا بمبلغ 4 مليارات دولار في السنة (هي تتلقى اقل، لكن ترامب لا تهمه الحقائق). «مبروك عليك»، هنأه ترامب بذات النبرة المريرة، التهكمية التي يهنئ بها الحساد من فاز بالجائزة الكبيرة في اليانصيب.

بدلا من لجم أردوغان، هو يعانقه، وبدلا من ردع ايران فإنه يغازلها. في مكالمة هاتفية أجراها مع نتنياهو بينما كان هذا في بودابست لم يتكبد عناء أن يروي له انه بدأ بمحادثات مع ايران. سمع نتنياهو عن ذلك فقط من المبعوث ويتكوف بعد أن وصل إلى واشنطن.

بالنسبة لترامب فإن الزعماء الأجانب أيضا هم وظائف ثقة. فكروا بالمفارقة: نتنياهو، الذي يسعى ليحول كل الوظائف العليا في الدولة إلى وظائف ثقة، يكتشف في واشنطن انه في وظيفة ثقة لدى الرئيس الأميركي، بدون محكمة العدل العليا لتحميه. هذه هي المكانة: إما أن تطيع أو ترحل. يستخدم ترامب القوة العسكرية لإسرائيل كي يصل إلى صفقة مع تركيا ومع ايران. لكن إسرائيل لا تهمه. هي مجرد أداة.

يركّز نتنياهو على هدف. والهدف هو إبعاد ايران عن النووي. حسب نهجه، يمكن لهذا أن يتم بهجوم جوي، بمشاركة أو بإسناد أميركيين، ويمكن لهذا أن يتم باتفاق تملي شروطه إسرائيل. ترامب هو المفتاح: بدونه لا يمكن لأي شيء أن يحصل. ولهذا تأتي الممالأة. لكن يوجد الكثير جدا من الممالأة في المحيط، حيث إن ثناء نتنياهو يستقبل بعدم اكتراث.

في شريط فيدو حرص على أن يصوره وينشره بعد اللقاء، طرح نتنياهو شرطاً للاتفاق: أن تفجر ايران مشروعها النووي، مثلما فكك حاكم ليبيا معمر القذافي مشروعه في 2003 خوفا من هجوم أميركي. هذا طلب مرحب به، لكنه غير عملي: كان تفكيك المشروع خطأ مأساويا من القذافي. فالتهديد بسلاح نووي كان يمكنه أن ينقذه وينقذ نظامه حين صفّي في 2011. تعلم النظام الإيراني الدرس. وهو سيفعل كل ما في وسعه كي يبقى دولة حافة نووية. التشبيه الذي أجراه نتنياهو مع ليبيا كان يستهدف تغذية المخاوف الإيرانية، والتخريب على المفاوضات.

ستيف ويتكوف، الموالي لترامب، يفترض أن يدير بالتوازي ثلاث مفاوضات منفصلة، محملة بالمصير: تحرير المخطوفين وإنهاء الحرب في غزة، إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وتفكيك النووي الإيراني.

ويتكوف رجل عقارات ناجح، نشيط، بلا تجربة دبلوماسية. حتى كيسنجر كان سيصعب عليه أن يأخذ على عاتقه ثلاث مهام كهذه، في الوقت ذاته. ويتكوف يتعين عليه أن يفاضل. تحرير المخطوفين سيكون المهمة الأولى التي سيعالجها. لن يعارض نتنياهو: وجهته نحو ايران.

هو يراهن على تفجير المفاوضات وهجوم أميركي. هل هذا سيحصل؟ من المشكوك فيه جدا. هل سيصفي الهجوم التهديد النووي؟ من المشكوك فيه اكثر من جدا. لكن إذا حصل هذا، يمكن لنتنياهو أن يقول لناخبيه: صنعت تاريخا، هاجمت ايران، طبعت العلاقات مع السعودية، أنقذت إسرائيل، وغيرت وجه الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى