رأي/ كرونيكسياسة

كل ما تبين من حوار رئيس الحكومة أنه خرج فقط ليقول لنا “هاني اهنا”

محمد نجيب كومينة

أظن رئيس الحكومة كان صريحا حين اعترف بالصعوبات التي تواجه القرار في ظل وضعية متسمة بغموض شديد تفرض تدبيرا مشدودا إلى المدى القصير جدا.

وكذلك عندما قال بأن الخروج من الحجر المنزلي أصعب من الدخول إليه، لأن ما استطعنا القيام به وحققناه خلال الفترة الماضية بكثير من النضج قد يتعرض للتبديد بسلوكات لامسؤولة للبعض، ومن يتصرفون اليوم بلا مسؤولية قد ينضاف لهم غذا من كانوا منضبطين للقانون والاجراءات المتخذة خوفا من السجن فقط، لأن الكثيرين منهم يرددون “اللي بغاها الله هي اللي غادي تكون” وكأن الله خلقهم بدون عقل وفاقدين للإرادة وعديمي المسؤولية تجاه أفعالهم وتجاه أنفسهم وتجاه غيرهم من البشر والخلائق الأخرى و لاينذرهم بالعقاب متى أخلوا بتلك المسؤولية.

إعداد سيناريوهات آمنة للخروج من الحجر المنزلي ولإعادة تحريك عجلة الاقتصاد ليس سهلا بالمرة، ويتطلب تنسيقا بين أطراف متعددة معنية، وجسا لنبض المجتمع ومعرفة باستعداداته لما بعد الحجر وللتكيف مع مجموعة من الإجراءات التقييدية التي ستظل سارية إلى حدود إيجاد دواء ناجع ومصل فعال، وهذه كلها بالغة الصعوبة في ظل الظروف الحالية وتستدعي حذرا شديدا، لكن الحذر ليس مرادفا للخوف. فالخوف عدو التصرف العقلاني.

ذلك انه عندما يصبح الخوف هو المحدد للقرار يستحيل ان يكون ذلك القرار سليما ومناسبا، وربما يخلق مشاكل بدل ان ياتي بحلول، وما ميز القرارات التي اتخذت مند الاعلان عن الجائحة هو العقلانية والشجاعة، بحيث تم اعطاء الاولوية للحياة مع مايترتب على ذلك من تضحيات وتحملات. وكانت النتيجة هي ما افتخر به رئيس الحكومة واعتبره ملحمة.

والبين أن رئيس الحكومة كان يتحدث في حواره المتلفزبنبرة معبرة عن خوف، وجاءت أجوبته لتقول للمواطننين، هنا أو بالخارج، إننا لم نقرر أي شئ ولسنا جاهزين لاتخاذ القرار ، ونحن خائفين …وبذلك سيجعل المواطنين الذين انتظروا أجوبته يصابون بالخيبة ويشعرون بمزيد من الغموض، بما في ذلك بشأن قيادته للحكومة وقدرته على تنسيق أعمالها وقراراتها.

كان الحوار في الواقع خطوة أخرى غير محسوبة تكشف خللا جوهريا في تعاطي الحكومة ومسالة التواصل، لأن رئيس الحكومة، إذ يخرج عن صمته فلكي يتحدث عن سيناريوهات وقرارات وإجراءات وليس ليفكر أمام الملأ بصوت عال مثل أي فرد من أفراد المجتمع منشغل بالقادم، وماورد في الحوار بشأن عدم تخصيص دعم للمدارس الخاصة والمقاولات الخاصة، تكذيبا لما راج، أوعدم وجود قرار بشان سنة بيضاء كان يمكن ان يتكفل به الناطق الرسمي باسم الحكومة ووزير التعليم في تصريحه اليوم، وهو الوزير المعني.

كان على رئيس الحكومة أن ينتظر استكمال السيناريوهات أو نضج القرارات قبل هذه الخرجة، لكنه يتبين أن الرجل خرج فقط ليقول لنا “هاني اهنا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى