الكاتبة اللبنانية البريطانية تكتب: رقصة بوفال وأمه تفضح الإعلام المتحضر…وشركة نيفيا في ورطة!+فيديو
سلّط مونديال 2022 الأضواء على الفريق المغربي خصوصاً بعد فوزه على عدة منتخبات مرموقة وتأهله إلى ربع نهائي كأس العالم ومن بعدها إلى النصف النهائي… لقد أصبح حديثاً ومحوراً بارزاً من محاور القنوات العربية والعالمية.. وأكثر ما علّق عليه رواد مواقع التواصل الاجتماعي، كانت تلك اللحظات التي جمعت لاعبي الفريق بأمهاتهم فور انتهاء كل مباراة… وانتشر فيديو، وبشكل مكثف على صفحات السوشيل ميديا ، للمهاجم سوفيان بوفال وهو يرقص مع والدته فرحاً على أرض الملعب بعد الفوز التاريخي على المنتخب البرتغالي.. لحظات عفوية صادقة جمعت بين أم وابنها مجسدة تلك الفرحة العارمة التي عاشاها بعد الانتصارالكبير.. انتصار حققه أسود الأطلس ليسعدوا العالم العربي بآدائهم البطولي ويرسخوا صورة مغايرة بطولية عن قدرات الفرق العربية في المواجهات العالمية..
صورة بوفال مع أمه كانت صورة معبرة.. فقد نقلت للعالم صورة عن تلك الروابط القوية والتضحيات العظمى التي قدمتها تلك الأم العربية رغم كل الظروف الصعبة المحيطة بها لتدفع بابنها إلى الصفوف الأمامية ويصبح واحداً من نجوم العالم .. صورة بمثابة شلال من فرح تدفق على أرض الملعب لتجري مياهه في أعماق كل من عاش معهما تلك اللحظة.. وقد علق الباحث المغربي عالم يحيى على صفحته الفايسبوكية على ذلك المشهد قائلاً : « يا للروعة .. هذه ليست صورة وحسب… هذه كتلة مشاعر جميلة تفجرت من ينابيع المنتخب المغربي ، لتعبّر عن الروح التي تسكن المغرب والشرق الجميل…»
كذلك غردت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية سوسن شبلي في السياق نفسه:
«هذا فيديو لديه الكثير من القوة يحتفل به العرب في جميع أنحاء العالم. سفيان بوفال صوت مغربي قامت والدته بتربيته وأخيه وحدها. كانت عاملة تنظيف. يا لها من أم..,»
ولكن رغم جمال ذلك الفيديوالمحمّل بمعان سامية وتأثيره العاطفي العميق على الملايين من المشاهدين والمتابعين، عربياً وعالمياً، إلا أن هناك دائماً من يرى في الجمال قبحاً، وفي المحبة كراهية وفي التضحية لؤماً وخبثاً.. إنهم بشر من نوع آخر لا تسقط نظراتهم على نجاح إلا وحاولوا جاهدين تشويهه وتدميره حاقنين من حولهم بجرعات سلبية … هكذا قامت إحدى القنوات الدنماركية بالسخرية والاستهزاء من تلك اللقطة الإنسانيّة عبر نشرها صورة لقردة تعانق بعضها البعض وذلك بعد الإشارة إلى احتفال اللاعبين المغاربة في قطر مع أهاليهم كمادة للمقارنة تعكس عنصرية بغيضة… وقد أثار ذلك غضباً كبيراً في صفوف كل المتابعين العرب والمشجعين للفريق المغربي مما دفع القناة إلى تقديم اعتذار رسمي..
ويبقى السؤال كيف يجرؤ بعض الأشخاص على الاستهزاء من لحظات رائعة تجمع بين أم وابنها وهي تحتفل بتتويج تضحياتها؟ ومن قال، في الأصل ، إن في ضمة القردة لبعضها البعض مادة مضحكة؟ تلك الضمة إن عكست شيئاً فهي لا تعكس سوى لوحة من التضامن والأخوة والمحبة الجامعة بين تلك الكائنات الجميلة.. إنها أسمى القيم التي قد يفتقدها بعض البشر، ومن دونها لا يمكن أن نبني مجتمعات سليمة صالحة تحتضن المعاني الإنسانية.
ولكن هل العنصرية هي حكر على القناة الدنماركية؟ بالطبع لا… فنحن نرى في المقابل إشارات كثيرة إلى أصول لاعبي المنتخب الفرنسي القادمين من أفريقيا.. وهذا ما كان جلياً في السوشيل ميديا العربية. كما لو أن هؤلاء اللاعبين لا يصلحون أن يكونوا فرنسيين إلا إذا كانوا من ذوي البشرة البيضاء؟!
لقد نزل الرئيس الفرنسي، بغض النظر عن شعبيته المتراجعة وسياسته العقيمة، إلى أرض الملعب لمواساة منتخب بلاده معانقاً جميع اللاعبين دون التفريق بين لاعب وآخر…
ترى لو كان الخاسر فريقاً عربياً هل كان الرئيس سيتواضع ويواسيهم ويمسح دموعهم؟
ومن القناة الدنماركية إلى نيفيا وتفاهة أخرى
من منا لا يتمنى أن يقتني «كريم» مزيلاً للأحزان؟ مجرد التفكير في منتج كهذا ولو من باب الأحلام قد يرسم على وجوهنا ابتسامة عابرة… فببساطة شديدة نحن شعوب لم تعرف سوى الأحزان، وأي أمل صغير، وإن كان زائفاً، يوحي بفرح كبير…
لقد أصدرت شركة نيفيا إعلاناً ترويجياً لمستحضرها الجديد أطلقته خلال فيفا… لكنه إعلان استفز المشاهدين… فما القصة؟
أظهر الإعلان الأول صورة لمشجعة مغربية حزينة بعد خسارة فريقها وفوق صورتها ذُكرت نتيجة المباراة ضد فرنسا… أما العبارة التي كُتبت فوق الصورة فقد جاءت كالتالي:
يمحو كل شيء آخر عدا المجد.. نيفيا تدعم أكثر الفرق الأفريقية نجاحاً في كأس العالم بنسبة مئة في المئة… يمكنك مسح المساحيق والدموع وسيصبح جلدك نظيفاً وجاهزاً لتشجيع فريقك من جديد..
أما الإعلان الثاني فهو عبارة عن صورة مشجعة كرواتية كتب عليها: يزيل كل شيء لكن ليس الدموع..
لقد رأى كثيرون أن هناك في الإعلان استخفافاً بالمرأة وتحيزاً جنسياً وإساءة مقصودة.. وعلى أثرها انتشر هاشتاج: قاطعوا منتجات نيفيا..
الفكرة كانت ستكون لطيفة لو أن الشركة اختارت رجلاً وامرأة وليس امرأتين…
خطأ، وربما غير مقصود، أوقع الشركة بحرب ضروس قد تكلفها الكثير…
المصدر: القدس العربي والهربي الحديد