رأي/ كرونيك

بونيت يسائل حنان عشراوي القيادية الفلسطينية بأي معنى فهمت وحدتنا الترابية..

من الحزم سوء الظن. أصررت على عدم التسرع في التعليق على ما نسب الى حنان عشراوي بخصوص وحدتنا الترابية قبل ان اسمعها بأذني، حرصا على ما كان لها عندي من مصداقية. ولما سمعت، خاب ظني. شكرا للأصدقاء الذين تفضلوا وزودوني بالروابط التي مكنتني من ذلك.

ليس في نيتي ان أسب السيدة عشراوي او أن أعاتبها او ألومها على ما قالته. اريد فقط أن أشفق عليها !!!!

فهذه الدبلوماسية التي قيل عنها إنها محنكة وأنها كانت مثار إعجاب مفاوضيها الاسرائيليين، كانت بالفعل في تصريحها عن الصحراء الغربية والشعب الصحراوي وتقرير المصير، مثيرة للشفقة، ولا توحي ولو بالحد الأدنى من التماسك الايديولوجي المتوقع من مثلها، لا سيما حين قارنت الشعب الفلسطيني بالشعب الصحراوي…كان عليها في الواقع ان تدفع المقارنة الى أقصاها، فتقول إن المغاربة هم في مرتبة الصهاينة. ولن يشفع لها بعدئذ أن تزعم ان مقصودها هو النظام المغربي وليس الشعب المغربي، لأنها هناك في بلدها لا تميز بين النظام والشعب الاسرائيليين، حين حديثها عن الاحتلال وجرائمه. وما يزعج اكثر في هذا الالتفاف الفج، هو هو ما ينطوي عليه من نظرة الى الشعب المغربي باعتباره شعبا قاصرا، تتكلم هي باسمه ونيابة عنه، في وجه النظام الي يسيطر عليه.

لنواصل فحص منطق السيدة عشراوي. على اي أساس تندد بالخطوة المغربية؟ أليس على أساس مبدأ وحدة المصير والهدف، الذي يعتبر أساس مفهوم التضامن العربي، والذي كان من المفترض ان يلجم النظام المغربي ويمنعه من الاقدام على خطوة التطبيع مع العدو الصهيوني، حتى لا يضفي شرعية على جرائمه ويطعن الشعب الفلسطيني في ظهره؟ ما الفرق بين المغرب والبرازيل او هولندا أو نيوزيلاندة أو أثيوبيا… او غيرها من الدول التي لها علاقات مع إسرائيل؟ أليس الفرق الوحيد هو أن المغرب، في تقدير حنان عشراوي، ينتمي الى كيان او بالاحرى حلم الوطن العربي الكبير والشعب العربي الواحد التائق الى الوحدة الفعلية، مجسدة في الوحدة السياسية؟ .

من حقنا إذن ان نفهم ان الدافع الرئيس الى غضب السيدة عشراوي هو ان النظام المغربي استهزأ بالوحدة العربية وفرط في إحدى فرصها إذ لو كان المغرب مثلا هو أنغولا  لما اعتبرت عشراوي ما قام به مدعاة للغضب والاستنكار  قد يكون مثارا للأسف في أقصى الحدود أما ان يكون المغرب جزءا من الامة العربية فهذا ما لا يغفر له خيانته

في ضوء هذا التدقيق، بأي معنى يسوغ للسيدة عشراوي ان تتحدث عن شعب صحراوي متميز عن الشعب المغربي أو اليمني أو الفلسطيني نفسه؟ بأي معنى تكون الوحدة هدفا، ويكون الاقرار بحق التفتيت وسيلة وطريقا الى هذا الهدف؟ بأي أساس ايديولوجي تشرعن عشراوي انفصالية جزء من “الشعب الصحراوي” وتتجاهل وحدوية الجزء الاكبر منه؟ بأي وازع أخلاقي تطالب عشراوي بحق شرذمة ترتزق بالشعارات، في تقرير مصير الشعب الصحراوي، وترفض الاقرار للصحراويين المغاربة الوحدويين المقيمين فوق ارضهم مأنهم قرروا فعليا وما زالوا يشاركون باستمرار في تقرير مصيرهم منذ 45 سنة عبر مجالسهم المنتخبة واندماجهم في الحياة العامة لبلدهم المغرب، وعدم انخراطهم في اي عمل منظم او غير منظم لمناهضة السلطة الشرعية لبلدهم المغرب والمؤسسات التي تجسد هذه السلطة؟

على اي أساس تحشر عشراوي نفسها متكلمة باسم صحراويين لم يوكلوها للحديث باسمهم، في موضوع تجهل أبعاده، وتتجاهل طابعه الاستعماري الحقيقي، المتمثل في محاولة تجزئة المغرب تنفيذا للمخططات الاستعمارية القديمة والجديدة. باي معنى تطعن عشراوي المغرب في صميم وحدته، وفي الوقت نفسه تغضب منه لأنه لم يكن وحدويا على هواها؟
أليس هذا هو العمى الايديولوجي والإسفاف والبؤس الأخلاقي؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى